كذا، ولم صار ماء الاستنجاء لا بأس به لان الماء أكثر من القذر، وأمثال هذه القضايا التي صنف الصدوق (قده) لها كتاب على حدة، وسماه علل الشرايع. وان اخذ فيه علة للمجعول، كقوله (عليه السلام) الخمر حرام لأنه مسكر، فهذا هو العلة التي يتعدى عن مورد معلولها إلى المشارك معه في هذه العلة.
فتحصل مما ذكرنا ان عمدة برهان القائل بالتداخل، هو ان صرف الشئ لا يتكرر. وهذا الكلام مما لا ريب فيه بعد اثبات ان متعلق الامر هو الطبيعة المشتركة بين المرة والتكرار، لا خصوص المرة، ولا التكرار، فإذا كان المتكلم في مقام البيان، فبالاطلاق يثبت انه أراد القدر الجامع، وبحكم العقل يثبت ان القدر الجامع إذا تحقق لا مجال لامتثاله ثانيا.
ولكن فيه أولا: ان هذا لا ينافي ظهور القضية الشرطية في تأثير كل شرط اثرا غير اثر الشرط الآخر، لان كون صرف الشئ لا يتكرر لا يكون مستندا إلى ظهور لفظي، حتى يعارض ظهور الشرطية. وبعبارة أخرى: حكم العقل مفاده ان المطلوب الواحد لا يتكرر، فلا يعارض ظهور ما دل على تعدد المطلوب. وثانيا: ان ظهوره في عدم التكرار بالاطلاق وعدم موجب التعدد، ويكفي ظهور الشرطيتين في بيان موجب التعدد.
واما المقام الثاني:
فالحق فيه أيضا عدم التداخل، لأنه بعد ما ظهر ان كل سبب يؤثر غير ما اثره الآخر، فمع امكان التعدد في المسبب لا موجب للتداخل، ولا وجه لدعوى أصالة التداخل. فالاكتفاء في الامتثال بمسبب واحد، مع القول بعدم التداخل في الأسباب، لا بد فيه اما: من ثبوت دليل عليه، كالاكتفاء بغسل واحد إذا اجتمع عليه حقوق (1) لقيام الدليل الواضح على كفاية غسل واحد، اما مطلقا، واما لو نوى الجميع، واما لو كان في الأسباب الجنابة. وعلى أي حال: ان ثبوته بالدليل غير دعوى أصالة التداخل. واما: من كون المسبب مصداقا لعنوانين بينهما عموم من وجه، كضيافة الهاشمي العالم، لو قال: أكرم هاشميا وأضف عالما، فان اطلاق كل دليل حيث إنه يشمل مورد الاجتماع يوجب عدم البأس باتيان المجمع، لامتثال الاكرام