فالأول: كالسفر فإنه للمكلف رفعه باختيار الحضر، فيرتفع عنه وجوب القصر. وللشارع أيضا رفعه بايجاب الإقامة عليه فلا يجب عليه القصر أيضا.
والثاني: كالاستطاعة فإنه ليس للمكلف رفعها وتفويتها بعد حدوثها، فلو فوتها لم يسقط عنه وجوب الحج، بل يستقر في ذمته، ولكن للشارع رفعها بخطاب مثل وجوب أداء الدين مثلا فيسقط عنه وجوب الحج.
والثالث: لم نعثر له على مثال.
ثم إن الخطاب الرافع لموضوع خطاب آخر، اما ان يكون بنفس وجوده رافعا، كالتكاليف المالية التي توجب ان تكون متعلقها من المؤن كخطاب أداء الدين إذا كان من عام الربح لا من العام الماضي (وأما إذا كان من العام الماضي فأدائه وامتثال التكليف يكون رافعا لموضوع الخمس لا نفس اشتغال الذمة به) فيرتفع موضوع وجوب الخمس الذي هو عبارة عن فاضل المؤنة، فان نفس تلك التكاليف توجب جعل متعلقاتها من المؤن، فيخرج الربح عن كونه فاضل المؤنة، و لا يتوقف صيرورتها من المؤن على امتثالها، بل نفس وجود الخطاب رافع لموضوع خطاب الخمس.
واما ان يكون بامتثاله رافعا كخطاب الأهم فيما نحن فيه، حيث يكون بامتثاله رافعا لموضوع خطاب المهم لا بوجوده، على ما سيأتي بيانه.
فهذه جملة الأقسام التي يهمنا تنقيحها في المقام، ليعلم الموارد التي يلزم ايجاب الجمع من اجتماع الخطابين، والموارد التي لا يلزم ذلك. والا فالأقسام المتصورة في موضوعات التكاليف أكثر من ذلك.
وحاصل التقسيم: هو ان الموضوع لحكم، اما ان يكون قابلا للوضع والرفع التشريعي، واما ان لا يكون قابلا لذلك. والأول: اما ان يكون قابلا لكل من الدفع والرفع، واما ان يكون قابلا للدفع فقط. وعلى كلا التقديرين: اما ان يكون قابلا للرفع الاختياري أيضا، واما ان لا يكون. والرفع التشريعي اما ان يكون بنفس التكليف، واما ان يكون بامتثاله. وقد تقدم أمثلة ذلك كله فينبغي ح التكلم في احكام هذه الأقسام.