(الامر الأول) ترجيح ما لا بدل له، على ما له البدل عرضا، كما لو زاحم واجب موسع له افراد تخييرية عقلية لمضيق لا بدل له، أو زاحم أحد افراد الواجب التخييري الشرعي لواجب تعييني، فإنه لا اشكال في تقديم ما لا بدل له على ما له البدل، بل هذا في الحقيقة خارج عن باب التزاحم، وانما يكون التزاحم فيه بالنظر البدوي، لان ما لا اقتضاء له لا يمكن ان يزاحم ما فيه الاقتضاء، فان الواجب المضيق يقتضى صرف القدرة له في زمانه، والواجب الموسع لا يقتضى صرف القدرة في ذلك الزمان، لأن المفروض انه موسع، فلا معنى لمزاحمته للمضيق، وذلك واضح.
(الامر الثاني) من المرجحات، ترجيح ما لا يكون مشروطا بالقدرة الشرعية على ما يكون مشروطا بها، والمراد من القدرة الشرعية هي ما إذا اخذت في لسان الدليل، كما في الحج وأمثاله مما قيد المتعلق بالقدرة في نفس الخطاب. والسر في ترجيح ما لا يكون مشروطا بالقدرة الشرعية على ما يكون مشروطا بها، هو ان الغير المشروط بها يصلح لان يكون تعجيزا مولويا عن المشروط بها، حيث إن وجوبه لم يكن مشروطا بشرط سوى القدرة العقلية، والمفروض انها حاصلة فلا مانع من وجوبه، ومع وجوبه يخرج ما كان مشروطا بالقدرة الشرعية عن تحت سلطانه وقدرته شرعا، للزوم صرف قدرته في ذلك، فإذا لم يكن قادرا شرعا لم يجب، لانتفاء شرط وجوبه، وهو القدرة.
والحاصل: ان ما يكون مشروطا بالقدرة العقلية يصلح ان يكون معجزا مولويا عما يكون مشروطا بالقدرة الشرعية، لان وجوبه لا يتوقف على أزيد من القدرة العقلية الحاصلة بالفرض، ومع التعجيز المولوي لم يتحقق شرط وجوب الواجب الاخر، وهذا من غير فرق بين فعلية وجوب ما لا يكون مشروطا بالقدرة الشرعية لمكان تحقق شرائط وجوبه، وبين ما إذا كان مشروطا بشرط لم يتحقق بعد، غايته ان المزاحم لما يكون مشروطا بالقدرة الشرعية نفس وجوب الواجب الغير المشروط بها على الأول، أي إذا كان وجوب الغير فعليا قد تحقق زمان امتثاله. وعلى الثاني يكون المزاحم هو الخطاب الطريقي العقلي وهو خطاب احفظ قدرتك.
وبعبارة أخرى: المزاحم هو عدم جواز تفويت القدرة، فان وجوب حفظ