قد جمع عليه السلام في هذا لحديث تمام علم النحو، ومن هنا اعترف المخالف بأنه عليه السلام هو المبتكر لعلم النحو، ولا باس بشرح الحديث المبارك على وجه الاختصار.
فنقول:
اما قوله عليه السلام الاسم ما أنبأ عن المسمى، فهو عين ما ذكرناه: من أن المعاني الاسمية اخطارية، والأسماء وضعت لاخطار تلك المعاني في الذهن، فان الانباء بمعنى الاظهار والاخطار.
واما قوله (ع): والحرف ما أوجد معنى في غيره فكذلك أي انه منطبق على ما ذكرناه: من أن معاني الحروف ايجادية بقيودها الأربعة، إذ لازم كونهما أوجد معنى في غيره، هو ان يكون المعنى ايجاديا، وأن يكون ذك المعنى قائما في غيره، وان لا يكون له موطن غير الاستعمال، وأن يكون مغفولا عنه، على ما عرفت: من أن القيدين الأخيرين من لوازم كون المعنى في الغير.
واما قوله (ع): والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى، فتوضيحه يتوقف على معرفة حقيقة معنى الفعل، وما يكون المايز بينه وبين الاسم والحرف، إذ ربما يستشكل في تصوير معنى لا يكون باسم ولا حرف، مع أن الفعل مركب من مادة و هيئة، والمادة معنى اسمى، والهيئة معنى حرفي، فالفعل يكون مركبا من اسم و حرف، وليس خارجا عنهما، فما وجه تثليث الأقسام؟ وجعل الفعل مقابلا للاسم والحرف؟ وليس تثليث الأقسام من كلام النحويين حتى يقال: أخطأوا في تثليث الأقسام، بل هو من كلام أمير المؤمنين (ع) الذي كلامه ملوك الكلام، فلابد من بذل الجهد لمعرفة معنى يقابل المعنى الأسمى والمعنى الحرفي، بان يكون متوسطا بين المعنيين، ولا بد أولا من معرفة مبدء الاشتقاق والأصل فيه.
فنقول: انه قد اختلفت الكلمات في مبدء الاشتقاق، فقيل: انه المصدر، وقيل:
انه اسم المصدر، والحق انه لا هذا ولا ذاك.
وذلك لان مبدء الاشتقاق لابد ان يكون أمرا محفوظا في تمام الهيئات الاسمية والفعلية، ويكون بالنسبة إليها من قبيل المادة والصورة، فلا بد ان يكون