عصيانه، لان البعث على الفعل يكون زجرا عن الترك، فخطاب الأهم يقتضى طرد موضوع المهم ورفعه. واما خطاب المهم فهو انما يكون متعرضا لحال متعلقه و لا تعرض له لحال موضوعه، لان الحكم لا يتكفل حال موضوعه من وضع أو رفع، بل هو حكم على تقدير وجوده ومشروط به، ولا يخرج عن هذا الاشتراط إلى الاطلاق و لو بعد تحقق موضوعه، لما عرفت: من أن الواجب المشروط لا يصير مط بعد تحقق شرطه. فلسان خطاب المهم هو: انه ان وجد موضوعي وتحقق خارجا فيجب فعل متعلقي. ولسان خطاب الأهم هو: انه ينبغي ان لا يوجد موضوع خطاب المهم وان لا يتحقق. وهذان اللسانان كما ترى ليس بينهما مطاردة ومخالفة، وليسا في رتبة واحدة، بل خطاب الأهم يكون مقدما في الرتبة على خطاب المهم، لان خطاب الأهم واقع في الرتبة السابقة على موضوع خطاب المهم السابق عليه، فهو متقدم عليه برتبتين أو ثلاث، ولا يمكن ان ينزل خطاب الأهم عن درجته ويساوي خطاب المهم في الرتبة، وكذا لا يمكن ان يصعد خطاب المهم من درجته ويساوي خطاب الأهم، بل كل منهما يقتضى مرتبة لا يقتضيها الآخر. ومع هذا الاختلاف في الرتبة كيف يعقل ان يكونا في عرض واحد؟
فاتضح من المقدمة الثانية والمقدمة الرابعة، طولية الخطابين المترتبين و خروجهما عن العرضية.
بقى في المقام: بيان ان هذين الخطابين المترتبين لا يقتضيان ايجاب الجمع، فلا يبق محذور في الخطاب الترتبي. والمقدمة الخامسة التي سنذكرها هي المتكفلة لبيان عدم اقتضائهما ايجاب الجمع. ففي الحقيقة المقدمات التي يتوقف عليها صحة الخطاب الترتبي هي ثلث: المقدمة الثانية، والمقدمة الرابعة، والمقدمة الخامسة. واما المقدمة الأولى، فهي لبيان تحرير محل النزاع. والمقدمة الثالثة، لبيان دفع بعض ما تخيل: من توقف الخطاب الترتبي عليه، من كونه موقوفا على الواجب المعلق والشرط المتأخر، على ما تقدم تفصيله.
المقدمة الخامسة:
تنقسم موضوعات التكاليف وشرائطها، إلى ما لا يمكن ان تنالها يد الوضع