فوجوب الامساك في أول الفجر يتوقف على بقاء الحياة والقدرة إلى الغروب، وهذا لا يكون الا على نحو الشرط المتأخر بحيث تكون القدرة على الامساك فيما قبل الغروب شرطا في وجوب الامساك في أول الفجر، وهذا عين الشرط المتأخر، وأيضا لا اشكال في أن التكليف بالامساك في الآن الثاني، والثالث، وهكذا، انما يكون متحققا في الآن الأول، وهو آن طلوع الفجر، إذ ليس هناك الا تكليف واحد يتحقق في أول الطلوع ويستمر إلى الغروب، وليس هناك تكاليف متعددة يحدث في كل آن تكليف يخصه، فان ذلك ينافي الارتباطية، بل التكليف بالامساك في جميع آنات النهار انما يتحقق في الآن الأول، وهو آن الطلوع، فيكون التكليف بامساك ما قبل الغروب ثابتا قبل ذلك، وهذا عين الواجب المعلق حيث يتحقق الوجوب الفعلي قبل وقت الواجب، وهو آن ما قبل الغروب الذي هو وقت الامساك الواجب فيه. وكذا الحال بالنسبة إلى التكليف بالصلاة في أول الوقت، حيث إن الكلام فيها عين الكلام في الصوم، من حيث ابتنائه على الشرط المتأخر والواجب المعلق كما لا يخفى، هذا.
ولكن لا يخفى عليك ضعف ذلك بكلا وجهيه اما ضعف وجه ابتنائه على الشرط المتأخر، فلما يأتي انشاء الله تعالى من أن الشرط في أمثال ذلك هو وصف التعقب، ويكون الامساك في أول الطلوع واجبا عند وجود الحياة في ذلك الآن وتعقبه بالحياة فيما بعد إلى الغروب، فيكون الشرط في وجوب الامساك في كل آن هو فعلية الحياة في ذلك الآن وتعقبها بالحياة في الان الثاني، وهذا المعنى امر معقول يساعد عليه الدليل والاعتبار، بل المقام من أوضح ما قيل فيه: ان الشرط هو وصف التعقب، وسيأتي مزيد توضيح لذلك انشاء الله تعالى.
واما ضعف ابتنائه على الواجب المعلق، فلان الخطاب وان كان أمرا واحدا مستمرا يتحقق بأول الطلوع ويستمر إلى الغروب، الا ان فعليته تدريجية حسب تدريجية المتعلق والشروط، فكما ان الشروط من الحياة والقدرة وغير ذلك تحصل تدريجا - إذ لا يعقل تحقق الحياة من الطلوع إلى الغروب دفعة واحدة وفى آن واحد، بل لا بد من أن تتحقق تدريجا حسب تدرج آنات الزمان، وكذا الحال