لا يكاد توجد حقيقة المخاطبة والنداء بدون ذلك، فواقعية هذا المعنى وهويته تتوقف على الاستعمال، وبه يكون قوامه. وهذا بخلاف معنى زيد، فان له نحو تقرر وثبوت في وعاء التصور مع قطع النظر عن الاستعمال، ومن هنا صار استعماله موجبا لاخطار معناه، بخلاف معنى ياء النداء وكاف الخطاب، فإنه ليس له نحو تقرر و ثبوت مع قطع النظر عن الاستعمال. نعم مفهوم النداء ومفهوم الخطاب له تقرر في وعاء العقل، الا انه لم توضع لفظة يا وكاف الخطاب بإزائه بل الموضوع بإزاء ذلك المفهوم هو لفظة النداء ولفظة الخطاب، لا لفظة يا وكاف الخطاب، بل هما وضعتا لايجاد النداء والخطاب، وهذا في الجملة مما لا اشكال فيه. انما الاشكال في أن جميع معاني الحروف تكون ايجادية أولا. ظاهر كلام المحقق (1) صاحب الحاشية: هو اختصاص ذلك ببعض الحروف، وكان منشأ توهم الاختصاص، هو تخيل ان مثل (من) و (إلى) و (على) و (في) وغير ذلك من الحروف تكون معانيها اخطارية، حيث كان استعمالها موجبا لاخطار ما وقع في الخارج من نسبة الابتداء والانتهاء، مثلا في قولك سرت من البصرة إلى الكوفة تكون لفظة (من) و (إلى) حاكية عما وقع في
(٣٨)