ولكن لا يخفى عليك ما فيه:
اما أولا: فلان الفرد لا يكون مقدمة لوجود الطبيعي، بل هو عينه خارجا.
ولو قيل: ان المحقق لم يدع مقدمية الفرد للطبيعة مطلقا، بل ادعى ذلك في طرف الامر فقط، بقرينة قوله (انه بناء على وجوب المقدمة يلزم اجتماع الامر الغيري مع النهى النفسي) فلو كان مدعاه مقدمية الفرد مطلقا، لكان في طرف النهى أيضا نهى غيري، فمن ذلك يعلم: ان ما قاله من المقدمية مقصور على طرف الامر، وحينئذ لابد ان يكون مراده من الامر خصوص الامر المطلوب منه صرف الوجود، لا الامر الانحلالي، لأنه لافرق بين الأوامر الانحلالية والنواهي الانحلالية من حيث عدم مقدمية الفرد للطبيعة. والذي يمكن، هو الفرق بين الأوامر المطلوب منها صرف الوجود، كالصلاة، وبين الأوامر والنواهي الانحلالية، حيث إنه تصح دعوى كون الفرد مقدمة لتحقق صرف الوجود، بحيث يكون الفرد من المحصلات والمحققات لصرف الوجود.
ففيه: ان ذلك وان كان توجيها لكلامه، الا انه مع ذلك لا يستقيم، بداهة ان الفرد في صرف الوجود أيضا لم يكن مقدمة، بل هو عينه. نعم: لو قلنا بعدم وجود الكلي الطبيعي وانه انتزاعي صرف، كان الفرد مقدمة لانتزاعه، كما هو الشأن في جميع الأمور الانتزاعية، حيث يكون منشأ الانتزاع مقدمة لانتزاعها، ولكن لا المحقق قائل بعدم وجود الطبيعي، ولا يمكن القول به. فدعوى مقدمية الفرد مما لا أساس لها مطلقا.