(الامر السادس) هل النزاع في المقام راجع إلى ناحية الاستعمال، وان استعمال المشتق فيما انقضى عنه المبدء حقيقة أو مجاز أو ان النزاع راجع إلى ناحية التطبيق والانطباق؟
ولا بد قبل ذلك من بيان المراد من الاستعمال، والتطبيق، والانطباق.
فنقول: ان الاستعمال عبارة عن القاء المعنى باللفظ وجعل اللفظ مرآة له، فان كان ذلك هو المعنى الموضوع له اللفظ، كان الاستعمال على وجه الحقيقة. وان لم يكن ما وضع له اللفظ، فان كان هناك علاقة بينه وبين الموضوع له، كان الاستعمال على وجه المجاز، وان لم يكن علاقة كان الاستعمال غلطا، فالاستعمال يتصف بكل من الحقيقة والمجاز والغلطية.
واما الانطباق، فهو عبارة عن انطباق المعنى الكلي على مصاديقه وصدقه عليها، وهذا لا يتصف بالحقيقة والمجاز، بل هو من الأمور الواقعية التكوينية، يتصف بالوجود والعدم إذ الكلي اما منطبق على هذا واما غير منطبق، هذا بحسب الواقع. واما بحسب الاطلاق فكذلك لا يتصف بالحقيقة والمجاز، بل بالصدق والكذب، فلو أطلق الكلي على ما يكون مصداقا له يكون الكلام صادقا، وان أطلق على ما لا يكون مصداقا له يكون الكلام كاذبا، فاطلاق الانسان على زيد يكون صدقا، واطلاقه على الحمار يكون كذبا، ومن هنا أنكر على السكاكي القائل بالحقيقة الادعائية، بأنه لا معنى للحقيقة الادعائية، إذ اطلاق الأسد بمعناه الحيوان المفترس على زيد الشجاع يكون كذبا، ومجرد الادعاء لا يصحح الكلام.
والحاصل: انه لو أطلق الأسد على زيد من دون تصرف في معنى الأسد، بل يراد منه معناه الحقيقي الذي هو الحيوان المفترس، يكون هذا الكلام كذبا، و مجرد الادعاء بان زيدا من افراد الأسد لا يخرج الكلام عن الكذب، بل يكون في ادعائه لها أيضا كاذبا، فاطلاق الأسد على زيد انما يصح إذ توسع في معنى الأسد بجعل معناه مطلق الشجاع الصادق على الحيوان المفترس وعلى زيد الشجاع، ثم بعد هذه التوسعة يطلق الأسد على زيد فيكون زيد من افراد المعنى الموسع فيه حقيقة، و يكون من مصاديقه واقعا إذا كان شجاعا، فالاطلاق يكون ح على نحو الحقيقة وان