فيكون من قبيل الخطاء في التطبيق. وفى المقام يجرى هذا الكلام أيضا.
وذلك لأنه لا يصح التكليف الا فيما إذا أمكن الانبعاث عنه، ولا يمكن الانبعاث عن التكليف الا بعد الالتفات إلى ما هو موضوع التكليف والعنوان الذي رتب التكليف عليه. وفى المقام لا يعقل الالتفات إلى ما هو موضوع التكليف بالاخفات الذي هو كون الشخص عاصيا للتكليف الجهري، وكذا الكلام في الناسي. وقد أوضحنا الكلام في ذلك وفساد كون المقام من باب الخطاء في التطبيق في تنبيهات الأقل والأكثر، فراجع.
هذا ما ذكره شيخنا الأستاذ مد ظله في الليلة الأولى تحت عنوان (الامر الثاني) وفى الليلة الثانية قرر ما يلي:
الامر الثاني: يعتبر في الخطاب الترتبي ان يكون التكليف في المترتب عليه منجزا واصلا إلى المكلف بنفسه وجدانا، أو بالطرق المحرزة من الامارات والأصول المحرزة. فلو لم يكن منجزا - كما في الشبهات البدوية التي تكون مجرى البراءة، أو كان منجزا ولكن ما كان واصلا إلى المكلف بنفسه، كما في الشبهات البدوية التي تكون مجرى الاحتياط، كباب الدماء والفروج والأموال، وكالشبهات الحكمية قبل الفحص والتعلم، وكما في الشبهات المقرونة بالعلم الاجمالي - لم يكن موقع للخطاب الترتبي.
اما في الشبهات البدوية التي تكون مجرى البراءة فمن جهات ثلث:
الأولى: ان التكليف الواقعي المجهول غير قابل لان يكون محركا وباعثا مولويا نحو متعلقه، فلا يكون مزاحما للتكليف الاخر، وبعبارة أخرى: التكليف الواقعي المجهول لا يكون شاغلا لنفسه، فبان لا يكون شاغلا عن غيره أولى.
الثانية: انه لا يتحقق عصيانه الذي هو شرط للخطاب المترتب، لأن المفروض ان الشبهة مورد البراءة فلا عصيان له.
الثالثة: انه لا يمكن تحقق العلم بالخطاب المترتب، لمكان عدم العلم بما هو موضوعه: من كونه عاصيا للخطاب المترتب عليه، لان العلم بالعصيان فرع العلم بالتكليف، والمفروض انه جاهل به.