في مبحث الضد انه لا يقتضى الفساد، الا إذا قلنا بتوقف العبادة على الامر ولم نقل بالامر الترتبي، على ما تقدم.
هذا تمام الكلام في النهى عن العبادة. وينبغي التنبيه على أمرين:
الامر الأول:
ان مقتضى القاعدة كون النهى عن العبادة موجبا لفسادها مطلقا، وانه مانع من صحتها، من غير فرق بين صورة الاضطرار والنسيان الموجب لارتفاع الحرمة واقعا، لان المعانعية ليست معلولة للحرمة حتى تدور مدارها، بل هي والحرمة كلاهما معلولان للجهة التي أوجبت النهى: من المفسدة والمبغوضية الواقعية التي لا ترتفع بالاضطرار والنسيان.
هدا، ولكن المحكى عن المشهور خلاف ذلك، حيث حكى عنهم: انه لو اضطر إلى لبس الحرير والذهب في الصلاة صحت صلوته، وكذا في صورة النسيان.
وكذا حكى عنهم: انه لو شك في كون اللباس حريرا، أو كون الشئ ذهبا، المستتبع للشك في حرمة لبسه المستتبع للشك في مانعيته، فبأصالة الحل والبرائة يرتفع الشك في المانعية، كما هو الشأن في كل شك سببي ومسببي، حيث إن الأصل الجاري في الشك السببي رافع للشك المسببي، ولا يجرى الأصل فيه موافقا كان أو مخالفا، هذا.
ولنا في كل من المحكى عن المشهور نظر. اما في الأول: فلما فيه أولا: ان الموجب للمانعية ليس الا التضاد بين اطلاق الامر والحرمة، إذ لولا التضاد لما كان وجه للمانعية وفساد العبادة، وقد تقدم في مبحث الضد ان الضدين في عرض واحد، ليس بينهما طولية وترتب، وليس وجود أحدهما مقدمة لعدم الآخر، ولا عدم أحدهما مقدمة لوجود الآخر. فيكون في المقام عدم الامر بالعبادة مع حرمتها في رتبة واحدة، وليست الحرمة مقدمة لعدم الامر، ولا عدم الامر مقدمة للحرمة، فلو كان عدم الحرمة وارتفاعها في صورة الاضطرار والنسيان موجبا للامر بالعبادة، يلزم كون عدم أحد الضدين مقدمة لوجود الآخر. وكان المشهور غفلوا عن مبناهم من عدم المقدمية في باب الضد، والتزموا في المقام بان ارتفاع الحرمة