الآخر من دفع ورفع.
وأما إذا كان متعرضا له، فاما ان يكون نفس الخطاب رافعا أو دافعا لموضوع الآخر، واما ان يكون امتثاله. فان كان الأول، فهذا مما يوجب عدم اجتماع الخطابين في الفعلية، ولا يعقل ان يكون كل من الخطابين فعليا، لان وجود أحد الخطابين رافع لموضوع الآخر، فلا يبقى مجال لفعلية الآخر حتى يقع المزاحمة بينهما.
بل أحد الخطابين يكون مقدما على الآخر بمرتبتين، فإنه يكون مقدما على موضوع الآخر، كما هو مقتضى رفعه له، والموضوع أيضا يكون مقدما على ما يستتبعه من الخطاب، فالخطاب الرافع لموضوع الاخر يكون مقدما على الآخر بمرتبتين. ومع هذا كيف يعقل ان يقع التزاحم بين الخطابين؟ فخطاب أداء الخمس لا يعقل ان يزاحم خطاب أداء الدين، بعد ما كان خطاب أداء الدين رافعا لموضوع خطاب الخمس و ذلك واضح.
وان كان الثاني، أي كان أحد الخطابين بامتثاله رافعا لموضوع الآخر، فهذا هو محل البحث في الخطاب الترتبي، حيث يتحقق اجتماع كل من الخطابين في الفعلية، لأنه ما لم يتحقق امتثال أحد الخطابين الذي فرضنا انه رافع لموضوع الآخر بامتثاله لا يرتفع الخطاب الآخر، لعدم ارتفاع موضوعه بعد، فيجتمع الخطابان في الزمان وفى الفعلية بتحقق موضوعهما، فيقع البحث حينئذ عن أن اجتماع مثل هذين الخطابين أيضا يوجب ايجاب الجمع حتى يكون من التكليف بالمحال، أو لا يوجب ذلك؟
والحق انه لا يوجب ذلك لجهتين. وينبغي أولا التنبيه على بعض الفروع الفقهية التي لا محيث للفقيه عن الالتزام بها، مع أنها تكون من الخطاب الترتبي.
منها:
ما لو فرض حرمة الإقامة على المسافر من أول الفجر إلى الزوال، فلو فرض انه عصى هذا الخطاب وأقام، فلا اشكال في أنه يجب عليه الصوم ويكون مخاطبا به، فيكون في الآن الأول الحقيقي من الفجر قد توجه إليه كل من حرمة الإقامة و وجوب الصوم، ولكن مترتبا، يعنى ان وجوب الصوم يكون مترتبا على عصيان حرمة