واما بالنسبة إلى الصلاة فيفترق الحال فيها بالنسبة إلى أول الوقت في مضى مقدار أربع ركعات منه، وما عدا ذلك من بقية الوقت، فان التكليف بأربع ركعات لما كان مشروطا بالزمان الذي يمكن ايقاع الأربع فيه، إذ لا يعقل ان يكون الزمان أضيق دائرة عن متعلق التكليف، فالتكليف بأربع ركعات مشروط بزمان يسع الأربع، و ح لا يمكن ان يكون التكليف بالأربع من أول الوقت فعليا، بل لابد ان يكون فعليته تدريجية حسب تدريجية اجزاء الزمان إلى مقدار أربع ركعات، وعند انقضاء ذلك المقدار تتم الفعلية لتمامية شرطها من مضى مقدار أربع ركعات، و لأجل ذلك أفتوا بعدم وجوب القضاء على من حصل له أحد الاعذار الموجبة لسقوط التكليف كالجنون والحيض قبل مضى مقدار أربع ركعات من الوقت ووجوب القضاء عند حصوله بعد ذلك، والسر في ذلك هو ما ذكرنا من أن الحكم بالأربع لا يكون فعليا من أول الوقت دفعة واحدة، بل فعليته تكون تدريجية حسب تدرج شرط الحكم من الزمان، فلا تتم الفعلية الا عند انقضاء ذلك المقدار من الزمان، فالعذر الحاصل قبل ذلك يكون حاصلا قبل تمامية فعلية لحكم، فلا موجب للقضاء. وهذا بخلاف ما إذا انقضى ذلك المقدار من الزمان فان شرط الفعلية ح حاصل، فلا مانع من فعلية الحكم بالأربع، وتكون التسليمة ح في عوض التكبيرة من حيث فعلية حكمها وكونه مخاطبا بها كخطابه بالتكبيرة.
فان قلت:
كيف يكون الحكم بالتسليمة فعليا مع عدم القدرة عليها شرعا الا بعد التكبيرة وما يلحقها من الاجزاء، وبعبارة أخرى: كيف يكون الحكم فعليا دفعة مع تدريجية المتعلق؟
قلت:
العبرة في الفعلية التدريجية هي تدريجية الشرائط لا تدريجية المتعلق، و قولك: لا يقدر على التسليمة في الحال، قلنا: هي مقدورة له بتوسط القدرة على الاجزاء السابقة، فتكون ح من المقدور بالواسطة، غايته ان الواسطة تارة تكون عقلية كنصب السلم بالنسبة إلى الصعود على السطح، وأخرى تكون جعلية شرعية كالاجزاء