ولا يتوهم: ان الصلاة والغصب في الدار الغصبية يكونان كذلك، أي يكون الغصب من العناوين التوليدية، فان ذلك واضح الفساد، بداهة ان الغصب الذي هو عبارة عن التصرف في ارض الغير بنفسه من الأفعال الاختيارية الصادرة عن المكلف أولا وبالذات، وليس من العناوين التوليدية، مع أن المناقشة في المثال ليس بسديد. فان لم يعجبك مثال الصلاة والغصب لمسألة الاجتماع - مع أنه من أوضح أمثلتها - فعليك بمثال آخر، لان المثال ليس بعزيز.
والمقصود هو: ان مسألة الاجتماع، انما تكون فيما إذا كانت نسبة العموم من وجه بين نفس الفعلين الصادرين عن المكلف أولا وبالذات، لا بين العناوين المتولدة عن الفعل، ولا بين الموضوعين، كالعالم والفاسق. بل نفس كون النسبة بين الفعلين العموم من وجه لا يكفي ما لم يكن التركيب بينهما على جهة الانضمام، والا فربما تكون النسبة كذلك مع كون التركيب اتحاديا، كما في مثل قوله: أنفق على أقاربك، أو اشرب الماء، ولا تغصب، فان التركيب في مورد الاجتماع من شرب الماء المغصوب أو انفاق الدرهم المغصوب يكون على وجه الاتحاد، فان الفرد من الماء الذي يشربه مصداق لكل من الشرب والغصب، ويكون نفس شرب الماء غصبا، فيتحد متعلق الأمر والنهي، ولابد في مثل ذلك من اعمال قواعد التعارض، وليس من مسألة اجتماع الأمر والنهي.
والسر في ذلك: هوان كلا من الأمر والنهي تعلق بموضوع خارجي، و يكون الاتحاد من جهة هذا التعلق، حيث إن المأمور به هو شرب الماء، والمنهى عنه هو التصرف في مال الغير الذي من جملة افراده الماء الذي يكون من جملة افراد المأمور به، فيتحد المتعلقان. نعم: الشرب من حيث كونه شربا وفعلا اختياريا للمكلف مع قطع النظر من متعلقه لا يتحد مع القصد. ومن هنا لو شرب الماء المباح في ارض الغير كان من مسألة اجتماع الأمر والنهي، فلا يشتبه عليك الامر، فتأمل جيدا.
ومنها:
انه بعد ما ظهر من أن التركيب بين المبادئ لا يكون الا على وجه