واما تخصيص العام: فقد أفيد في وجه عدم استلزامه للمجازية ان العام لم يستعمل الا في العموم، غايته ان العموم ليس بمراد بالإرادة الجدية النفس الامرية، فالتخصيص انما يقتضى التفكيك بين الإرادة الاستعمالية والإرادة الجدية، والحقيقة المجاز انما تدور مدار الاستعمال، لا مدار الإرادة الواقعية، ففي مثل أكرم كل عالم لم تستعمل أداة العموم الا في الاستغراق واستيعاب جميع افراد العالم، غايته انه لم تتعلق الإرادة الجدية باكرام جميع الافراد، بل تعلقت الإرادة باكرام ما عدى الفاسق، والمصلحة اقتضت عدم بيان المراد النفس الأمري متصلا بالكلام فيما إذا كان المخصص منفصلا، ويكون العام قد سيق لضرب القاعدة، ليكون عليه المعول قبل بيان المخصص والعثور عليه.
وبذلك وجه الشيخ (قده) (1) في مبحث التعادل والتراجيح، العمومات الواردة في لسان الأئمة السابقين عليهم السلام، والمخصصات الواردة في لسان الأئمة اللاحقين عليهم السلام، هذا.
ولكن شيخنا الأستاذ مد ظله لم يرتض هذا الوجه. وحاصل ما افاده في وجه ذلك: هو ان حقيقة الاستعمال ليس الا القاء المعنى بلفظه، بحيث لا يكون الشخص حال الاستعمال ملتفتا إلى الألفاظ، بل هي مغفول عنها، وانما تكون الألفاظ قنطرة ومرآة إلى المعاني، وليس للاستعمال إرادة مغايرة لإرادة المعنى الواقعي، فالمستعمل ان كان قد أراد المعاني الواقعة تحت الألفاظ فهو، والا كان هازلا. ودعوى: ان العام قد سيق لبيان ضرب القاعدة مما لا محصل لها، فان أداة