والايقاعات، على ما يأتي بيانه.
الثالث: ان لا يكون لذلك المعنى الايجادي نحو تقرر وثبوت بعد ايجاده، بل كان ايجاده في موطن الاستعمال، ويكون الاستعمال مقوما له، ويدور حدوثه و بقائه مدار الاستعمال.
الرابع: ان يكون المعنى حين ايجاده مغفولا عنه غير ملتفت إليه، وهذا لازم كون المعنى ايجاديا وكون موطنه الاستعمال، بداهة انه لو كان المعنى الحرفي بما انه معنى حرفيا ملتفتا إليه قبل الاستعمال أو حين الاستعمال لما كان الاستعمال موطنه، بل كان له موطن غير الاستعمال، إذ لا يمكن الالتفات إلى شئ من دون ان يكون له نحو تقرر في موطن، فحيث انه ليس للمعنى الحرفي موطن غير الاستعمال، فلا بد من أن يكون غير ملتفت إليه ومغفولا عنه حين الاستعمال، نظير الغفلة عن الألفاظ حين تأدية المعاني بها لفناء اللفظ في المعنى وكونه مرآة له، ولا يمكن الالتفات إلى ما يكون فانيا في الشئ حين الالتفات إلى ذلك الشئ، كما لا يمكن الالتفات إلى الظل حين الالتفات إلى ذي الظل والمرآة حين الالتفات إلى المرئي.
وبالجملة:
لما كان قوام المعنى الحرفي هو الاستعمال، ولا موطن له سواه، فلا بد من أن يكون المعنى غير ملتفت إليه، بل يوجد مصداق النداء بنفس قولك يا زيد مثلا، من دون ان يكون هذا المصداق ملتفتا إليه عند القول، إذ قوامه بنفس القول، فكيف يكون له سبق التفات. نعم ما يكون ملتفتا إليه هو تنبيه زيد واحضاره وما شابه ذلك، وهذه كلها معاني اسمية، والمعنى الحرفي هو ما يتحقق بقولك يا زيد، ولا يمكن سبق الالتفات إلى ما لا وجود له الا بالقول كما لا يخفى. فهذه أركان أربعة بها يتقوم المعنى الحرفي ويمتاز عن المعنى الأسمى.
وبذلك يظهر الفرق بين المعاني الايجادية في باب الحروف، والمعاني الايجادية في باب المنشآت بالعقود والايقاعات.
وتوضيح ذلك:
هو ان للصيغ الانشائية كبعت وطالق جزء ماديا وجزء صوريا. اما