الصلاة، وتندرج المسألة في باب التعارض، وتكون بعد تقديم جانب النهى من صغريات النهى في العبادة. وقد عرفت انه لابد من تقديم جانب النهى، لكون الاطلاق فيه شموليا، دون الامر.
واما بناء على الجواز، فتكون المسألة مندرجة في باب التزاحم. والحكم فيه وان كان أيضا تقديم جانب الحرمة، الا انه بملاك آخر، وهو تقديم مالا بدل له على ماله البدل - على ما تقدم تفصيله في مرجحات باب التزاحم - ويكون لعلم المكلف وجهله حينئذ دخل في ذلك، لما عرفت من أن المزاحمة تتوقف على الاحراز والوجود العلمي، فظهر مما ذكرنا: ان القول بصحة الصلاة في الدار الغصبية في صورة الجهل والنسيان لا يجتمع مع القول بالامتناع. ومن هنا يمكن ان نستكشف ان المشهور بنائهم على الجواز، لقولهم بصحة الصلاة في صورة الجهل، مضافا إلى اعتبار قيد المندوحة، التي لا تنفع الا بعد الفراغ من الجهة الأولى، كما أشرنا إليه.
التنبيه الثاني:
قد استدل لجواز اجتماع الأمر والنهي بوقوعه في الشرعيات كثيرا، وجعلوا موارد العبادات المكروهة من ذلك الباب، بتقريب: ان الاحكام بأسرها متضادة، ولا اختصاص لذلك بالوجوب والحرمة، وقد اجتمع في العبادات المكروهة الوجوب والكراهة، أو الاستحباب والكراهة، هذا.
ولكن لا يخفى عليك: فساد الاستدلال بذلك لما عرفت: من أن مورد البحث في مسألة اجتماع الأمر والنهي، هو ما إذا كان بين المتعلقين العموم من وجه، والنسبة بين المتعلقين في العبادات المكروهة هو العموم المطلق، فلا ينبغي جعلها من موارد اجتماع الأمر والنهي.
نعم: ينبغي البحث عن كيفية تعلق الكراهة بالعبادة، وانه ما المراد من الكراهة فيها، فهل هي بمعناها المصطلح؟ أو انها بمعنى الأقل ثوابا؟ كما قيل. فنقول - ومن الله التوفيق - تعلق النهى التنزيهي بالعبادة يكون على اقسام ثلاثة:
الأول: ما إذا تعلق الامر بعنوان، والنهى التنزيهي بعنوان آخر، وكان