فالعنوان الملحوظ على وجه المرآتية يكون على اقسام ثلاثة: متأصل في عالم العين، ومتأصل في عالم الاعتبار، ومنتزع عن أحدهما، وهو باقسامه يصلح ان يتعلق به التكليف، غايته ان التكليف بالانتزاعي يكون تكليفا بمنشأ الانتزاع، إذ هو المقدور الذي تتعلق به إرادة الفاعل، والانتزاعي انما يكون مقدورا بواسطته، و ذلك كله واضح. (1) ومنها:
ان العناوين والمفاهيم التي يكون بينها التباين الجزئي لا يعقل ان يتصادقا على متحد الجهة، فان جهة الصدق والانطباق في أحد العنوانين لا بد ان تغاير جهة الصدق والانطباق في الآخر، والا لامتنع صدق أحدهما بدون صدق الآخر، وكانا متلازمين في الصدق والانطباق ولم يحصل بينهما افتراق. فإنه بعد فرض وحدة الجهة يكون الموجب لانطباق أحد العنوانين على شئ هو الموجب لانطباق العنوان الآخر عليه، فلا يعقل الافتراق من جانب أو من جانبين، فافتراق العنوانين في الصدق و الانطباق يكشف عن تعدد جهة الصدق في مورد الاجتماع، فلا يعقل تصادق عنوانين على متحد الجهة مع فرض امكان افتراق أحد العنوانين عن الآخر ولو في الجملة ومن جانب واحد.
ولا ينتقض ذلك بالباري تعالى حيث إنه ينطبق عليه عناوين متباينة بالتباين الجزئي، مع أنه تعالى ليس فيه تعدد جهة لكونه تعالى بسيطا كل البساطة، و مع ذلك ينطبق عليه عنوان العالم والقادر، مع أن بينهما العموم من وجه: وذلك لأنه لا يقاس التراب مع رب الأرباب، فان العناوين المنطبقة عليه تعالى كلها راجعة إلى الذات، فهو بذاته قادر، وعالم، وحى قيوم، وليس العلم أو القدرة مغايرا للذات.
والحاصل: ان القياس ليس في محله، فان مقام الباري تعالى مقام لا تصل