الآخر، لعدم تحقق شرط التكليف في كل منهما، فلا يكون كل منها متعلق التكليف وذلك كله واضح. هذا إذا كان موضوع الخطاب غير قابل للتصرف التشريعي.
وأما إذا كان قابلا لذلك، فالخطاب المجامع له ان لم يكن متعرضا لموضوع الآخر: من دفع أو رفع، فالكلام فيه هو الكلام في القسم السابق طابق النعل بالنعل. فان كان كل من الخطابين مط يلزم ايجاب الجمع، فان أمكن وجب، وان لم يمكن فالتخيير. وان لم يكن كل منهما مط فلا يلزم ايجاب الجمع، لاتحاد المناط في هذا القسم والقسم السابق في ذلك. ومجرد كون الموضوع في هذا القسم قابلا للدفع والرفع التشريعي لا يكون فارقا بين القسمين، ما لم يكن أحد الخطابين متعرضا لدفع موضوع الآخر أو رفعه.
وهذا من غير فرق، بين ان يكون الموضوع قابلا للرفع الاختياري أيضا، أو لم يكن. فإنه يلزم ايجاب الجمع على المكلف أيضا إذا كان كل من الخطابين مطلقا. و مجرد انه يمكنه رفع الموضوع اختيارا لا يرتفع عنه محذور ايجاب الجمع، إذا استلزم ايجاب الجمع محذورا، كما إذا كان بين المتعلقين تضاد، فان القدرة المعتبرة في التكاليف انما هو القدرة على متعلقاتها، لا على موضوعاتها، ولا اثر للقدرة على موضوعاتها، فهل ترى انه يصح تكليف المسافر بالمحال من جهة انه قادر على رفع السفر؟
والحاصل: ان قبح التكليف بما لا يطاق انما هو بالنظر إلى المتعلق فالعبرة به، لا بالموضوع. فاجتماع التكليفين الموجبين لايجاب الجمع على المكلف مع عدم قدرة المكلف على الجمع قبيح ولو فرض ان امر الموضوع بيد المكلف وان له رفعه، ليرتفع عنه أحد التكليفين.
وبذلك ظهر: ان تصحيح الامر الترتبي - بان العصيان الذي هو موضوع خطاب المهم امر اختياري للمكلف، له رفعه بعدم عصيان الأهم وإطاعته فلا مانع من اجتماع كل من خطاب الأهم والمهم - فاسد جدا. لما عرفت: من أن القدرة على رفع الموضوع لا اثر لها في قبح التكليف بما لا يطاق، فالخطاب الترتبي لا يمكن تصحيحه بذلك. هذا إذا كان الخطاب المجامع لخطاب آخر غير متعرض لموضوع