الاعتباريات والشرعيات التي أمرها بيد المعتبر والشارع، حيث إن له ان يعتبر كون الشئ المتأخر شرطا لأمر متقدم - ففساده أيضا غنى عن البيان، لأنه ليس المراد من الاعتبار مجرد لقلقة اللسان، بل للاعتباريات واقع، غايته ان واقعها عين اعتبارها، و بعد اعتبار شئ شرطا لشئ واخذه مفروض الوجود في ترتب الحكم عليه كما هو الشأن في كل شرط، كيف يمكن تقدم الحكم على شرطه؟ وهل هذا الا خلاف ما اعتبره؟
وبالجملة: بعد فرض اعتبار شئ موضوعا للحكم لا يمكن ان يتخلف و يتقدم ذلك الحكم على موضوعه، فظهر فساد ما ذكر من الوجوه لجواز الشرط المتأخر.
وأحسن ما قيل في المقام من الوجوه: هو ان الشرط عنوان التعقب و الوصف الانتزاعي، وقد تقدم عدم توقف انتزاع وصف التعقب على وجود المتأخر في موطن الانتزاع، بل يكفي في الانتزاع وجود الشئ في موطنه، فيكون الشرط في باب الفضولي هو وصف التعقب، وان السبب للنقل والانتقال هو العقد المتعقب بالإجازة، وهذا الوصف حاصل من زمن العقد هذا.
ولكن لا يخفى عليك، ان هذا الوجه وان لم يلزم منه محذور عقلي، ولا يرد عليه شئ من المحاذير المذكورة في الشرط المتأخر، الا ان ارجاع الشرط إلى الامر الانتزاعي ووصف التعقب يحتاج إلى قيام الدليل عليه، وأن يكون مما يساعد عليه العقل والاعتبار، وليس لنا ارجاع كل شرط إلى عنوان التعقب.
نعم: يستقيم ذلك في باب المركبات الارتباطية التي اعتبرت الوحدة فيها، كالصوم على ما تقدم بيانه في الواجب المعلق، حيث قلنا: ان في باب الصوم، لما كان ظرف التكليف وشرطه وامتثاله متحدا، لمكان ان الصوم ليس الا عبارة عن الامساكات المتتابعة في آنات النهار المتصلة، والتكليف بالامساك في كل آن مشروط بالقدرة عليه في ذلك الآن، واما القدرة على الامساكات الاخر المتأخرة فليست شرطا للتكليف بالامساك في الآن السابق حتى يلزم اشتراط التكليف بأمر متأخر، بل الشرط هو تعقب القدرة في الآن السابق بالقدرة في الآن اللاحق، فالتكليف في كل آن يكون مشروطا بالقدرة على ذلك الآن نفسه، ومشروطا أيضا