حيث أنفسهما، بضميمة حكم العقل باشتراط التكليف بالقدرة وقبح ترجيح المرجوح على الراجح أو مساواته له. فإنه من هذه الأمور الثلاثة ينتج اشتراط خطاب المهم بترك الأهم، كما لا يخفى. هذا تمام الكلام في المسألة الأولى من مسائل الترتب، وهي ما إذا كان التزاحم ناشئا عن تضاد المتعلقين.
وينبغي التنبيه على أمور:
الامر الأول:
قد عرفت في أول البحث، ان مورد البحث في الامر الترتبي انما هو فيما إذا كان الملاك لكل من الامرين - من المترتب والمترتب عليه - ثابتا ومتحققا عند التزاحم، بحيث لو منعنا عن الامر الترتبي أمكن تصحيح العبادة بالملاك، بناء على كفاية ذلك في صحة العبادة، وعدم القول بمقالة صاحب الجواهر: من توقف الصحة على الامر وعدم كفاية الملاك على ما هو المحكى عنه. والسر في اعتبار الملاك في الامر الترتبي واضح، فإنه لو لم يكن ملاك امتنع الامر، لتوقف الامر على الملاك، على ما عليه العدلية.
ومن ذلك يظهر: امتناع الامر الترتبي في المتزاحمين الذي كان أحدهما مشروطا بالقدرة الشرعية، لان المزاحم المشروط بذلك يكون خاليا عن الملاك، لما تقدم: من أن القدرة الشرعية لها دخل في الملاك، فعند انتفائها ينتفى الملاك، ومع انتفائه يمتنع الامر الترتبي.
وهذا من غير فرق بين استفادة اعتبار القدرة الشرعية من دليل متصل كما في الحج، أو بدليل منفصل كما في الوضوء، حيث إن الامر الوضوئي وان لم يقيد بالقدرة في لسان دليله، الا انه من تقييد الامر التيممي بذلك يستفاد تقييد الامر الوضوئي بالقدرة. وهذا بعد تفسير الوجدان المأخوذ في آية التيمم بالتمكن، فان مقتضى المقابلة بين الوضوء والتيمم من حيث تقييد التيمم بعدم التمكن من الماء يستفاد ان الوضوء مشروط شرعا بالتمكن، والا لم تتحقق المقابلة بين الوضوء والتيمم، ولزم ان يكون ما في طول الشئ في عرضه، وأن يكون التفصيل غير قاطع للشركة، وبطلان كل ذلك واضح. مع أن نفس بدلية التيمم للوضوء يقتضى