ثم انه ربما يتوهم: ان الوجه في حكم المشهور بالضمان عند تردد اليد بين كونها عادية أو غير عادية، هو التعويل على العام في الشبهة المصداقية. بل قد يتخيل ان ذلك يكون من الرجوع إلى العام مع الشك في مصداق العام الذي لم يقل به أحد، بناء على أن يكون المستفاد من قوله (على اليد) خصوص اليد العادية، ولا يعم اليد المأذون فيها من أول الامر، فتكون اليد المأذون فيها خارجة بالتخصص، لا بالتخصيص.
وبالجملة، ان قلنا: انه لا يستفاد من عموم (على اليد) الا خصوص اليد العادية، كانت اليد المشكوك كونها عادية من الشبهة المصداقية بالنسبة إلى نفس عنوان العام، كما إذا شك في عالمية زيد عند قوله: أكرم العلماء. وان قلنا: ان قوله (على اليد) يعم اليد العادية والمأذون فيها ويكون اليد المأذون فيها خارجة بالتخصيص، كانت اليد المشكوك كونها عادية من الشبهة المصداقية بالنسبة إلى عنوان المخصص، كما إذا شك في فاسقية زيد في مثل قوله: أكرم العلماء الا فساقهم.
وعلى كلا التقديرين لا يصح الحكم بالضمان عند الشك في حال اليد، خصوصا على الأول. مع أن المشهور قالوا بالضمان، وليس ذلك الا من جهة تعويلهم على العام في الشبهة المصداقية، هذا.
ولكن لا يخفى عليك: ان ذهاب المشهور إلى ذلك ليس لأجل صحة التعويل على العام في الشبهة المصداقية، بل لأجل ان هناك أصلا موضوعيا ينقح حال المشكوك ويدرج المشكوك تحت عنوان العام، فيتمسك بالعام لاثبات حكمه، وهو أصالة عدم اذن المالك ورضاه بالتصرف. فيكون المقام من صغريات الموضوعات المركبة المحرز بعض اجزائها بالأصل، وبعضها الآخر بالوجدان.
والأصل الموضوعي في مثل المقام يجرى بلا اشكال، لكونه مسبوقا بالتحقق بمفاد ليس التامة. والأثر مترتب على مؤدى الأصل بما هو كذلك، وليس من المقامات التي يكون الأثر فيها مترتبا على مفاد ليس الناقصة، حتى يستشكل في جريان الأصل من جهة عدم كون مؤداه مسبوقا بالتحقيق كما في مثل أصالة عدم قرشية المرأة، ولا بأس ببسط الكلام في هذا المقام ليتضح خلط بعض الاعلام.