العقاب، حسب تعدد المكلفين وذوي الأيادي، فكيف تعدد العقاب مع عدم امكان تعدد الامتثال؟ فما يجاب به عن ذلك في ذلك المقام، نجيب به في المقام.
وثانيا: حلا وحاصله: ان العبرة في استحقاق العقاب هو ملاحظة كل خطاب بالنسبة إلى كل مكلف في حد نفسه وبحيال ذاته، بمعنى انه يلاحظ الخطاب هو وحده مع قطع النظر عن اجتماعه مع خطاب آخر، ويلاحظ كل مكلف أيضا هو وحده مع قطع النظر عن اجتماعه مع مكلف آخر، فان كان متعلق ذلك الخطاب الملحوظ وحده مقدورا بالنسبة إلى ذلك المكلف الملحوظ وحده، فعند تركه وعصيانه يستحق العقاب، والا فلا. واما ملاحظة اجتماع الخطاب لخطاب آخر، أو اجتماع المكلف مع مكلف آخر، واعتبار القدرة على المجموع من متعلقي الخطابين، أو مجموع المكلفين، فهو مما لا عبرة به ولا موجب لهذا اللحاظ، بل العبرة انما هي بالقدرة على متعلق كل خطاب من حيث نفسه لكل مكلف كذلك.
نعم: لو تعلق التكليف في مكان بالجمع بين الشيئين، أو اجتماع المكلفين في شئ واحد، فلا بد حينئذ ان يكون الجمع بين الشيئين مقدورا، ليصح التكليف به، وكذا اجتماع المكلفين. الا ان هذا يحتاج إلى دليل بالخصوص على اعتبار الجمع. ومع عدم قيامه، فالعبرة بالقدرة على متعلق كل خطاب من حيث نفسه مع قطع النظر عن اجتماعه مع خطاب آخر وكل مكلف كذلك. ومن المعلوم:
تحقق القدرة في كل من متعلق الخطابين المترتبين في حد نفسه وكل مكلف في الواجب الكفائي وفى أداء مال الناس من حيث نفسه، فعند ترك كلا المتعلقين يستحق عقابين. وكذا عند ترك الكل للواجب الكفائي أو أداء مال الناس يستحق الجميع للعقاب، لتحقق شرط استحقاق العقاب، وهو القدرة على كل متعلق في حد نفسه وقدرة كل مكلف على امتثال الواجب الكفائي وأداء الدين. وان لم تتحقق القدرة على الاجتماع بعد عدم تعلق التكليف بالاجتماع، فضم لفظ الاجتماع في المقام مما لا معنى له. مع أنه لو فرض ان للاجتماع دخلا في العقاب، فالذي له دخل هو الجمع في العصيان لا الجمع في الامتثال، فان العقاب انما يكون مترتبا على العصيان، لا على الامتثال.