إليه الأوهام، ولا يمكن تعقل حقيقة انطباق تلك العناوين عليه، فلا يصح جعل ذلك نقضا للبرهان العقلي الفطري الذي هو - عدم امكان انطباق العناوين المتباينة المفترقة في الصدق على متحد الجهة - وهذا يكفي في تصديقه نفس تصوره، و لا يحتاج إلى مزيد بيان.
نعم: ينبغي بيان مناط تصادق العناوين وعدم تصادقها وانه كيف يتصادق بعض العناوين دون بعض.
فنقول: لا اشكال في أن صدق أي عنوان على أي شئ لا بد ان يكون لجهة تقتضي ذلك الصدق، سواء كانت تلك الجهة راجعة إلى الذات كصدق الانسان على زيد، أو إلى امر خارج عن الذات كصدق العالم عليه، إذ لا يعقل صدق عنوان من دون ان يكون هناك جهة الصدق، والا لصدق كل شئ على كل شئ.
ثم إن جهة صدق أحد العنوانين، اما ان تكون متباينة مع جهة صدق العنوان الآخر، واما ان لا تكون متباينة. وما كانت متباينة، فاما ان يكون بينهما مضافا إلى التباين منافرة ومضادة، واما ان لا يكونا كذلك، بل كان بينهما مجرد المخالفة والمغايرة. والمخالفة والمغايرة، اما ان تكون من قبيل المغايرة الجنسية و الفصلية وما يلحق بذلك بحيث يكون التخلف من إحدى الجهتين دون الأخرى، و اما ان لا تكون من هذا القبيل بل كان التخلف من الجهتين. فهذه جملة ما يمكن ان يتصور عقلا في الجهات الموجبة لصدق العناوين على حقايقها الخارجية، ولا خامس لهذه الأقسام، فان الحصر عقلي لا استقرائي.
فان لم يكن بين الجهتين مباينة ومخالفة: فلا محالة يتلازم العنوانان في الصدق، فان عدم التلازم يكشف عن تخلف إحدى الجهتين عن الأخرى، مع أن المفروض عدم المخالفة بينهما، فلا بد ان يكون بين العنوانين تلازم في الصدق ويكون العنوانان متساويين في الانطباق، بحيث انه كلما صدق أحدهما صدق الآخر كما في الانسان والضاحك.
وان كان بين الجهتين مخالفة ومباينة: فان كان التخالف على وجه التنافر والتضاد، كالفصول المنوعة للأجناس - حيث إن بين الفصول والصور النوعية