انتفاء الحكم من غير هذا الموضوع. ومن هنا ظهر: ان كون الأصل في القيد احترازيا - لا للفوائد الاخر التي تذكر لمجيئ القيد - لا يفيد اثبات المفهوم، فان الاحترازية ان كانت بمعنى دلالة القيد على انتفاء الحكم عن ذات المقيد الخالي عن هذا القيد، فالمسلم منها انما هو في الحدود، لان بناء التعريف على الاطراد والانعكاس، دون غيرها، وان كانت بمعنى دلالته على اختصاص الحكم بالمقيد، فهذا لا يفيد الا اختصاص هذا الحكم بهذا الموضوع الخاص، لا نفيه عن غيره.
فان قلت:
حمل المطلق على المقيد في المطلق المطلوب منه صرف وجوده وان لم يكن من باب المفهوم، الا انه في المطلق الانحلالي يكون التقييد مستلزما للمفهوم لامحة، فان تقييد وجوب الزكاة في مطلق الغنم بالسائمة، معناه نفيها عن المعلوفة، فكون القيد احترازيا لا يستقيم الا باخراج المعلوفة من دليل المطلق، وهذا عين المفهوم.
قلت:
أولا: لا موجب للتقييد في المطلق الانحلالي لو كان القيد منفصلا، نعم في المتصل لا مناص عن اختصاص الحكم بمورد القيد، وذلك لعدم التنافي بين تعلق الزكاة بمطلق الغنم وتعلقها بالسائمة.
وثانيا: على فرض تسليم التقييد، ان التقييد ليس الا قصر دائرة الحكم على الموضوع المقيد، لا نفيه عما عداه. وفرق بين اثبات حكم لموضوع خاص مع سكوته عن غير هذا الموضوع، واثباته له ونفيه عما عداه، والثاني هو المفهوم، لا الأول. ولذا لو دل دليل ثالث على تعلق الزكاة بالمعلوفة، فبناء على التقييد لا تعارض بين المقيدين، ونتيجة تقييد الحكم بكليهما هو الاطلاق، لاستيعابهما جميع افراد المطلق. وبناء على المفهوم يتعارضان، لان اثبات الحكم في السائمة مع القول بالمفهوم معناه: عدم ثبوت الزكاة في المعلوفة.
ثم انه لا اشكال في أن محل البحث هو فيما لو كان بين الموصوف والصفة عموم مطلقا أي كان الموصوف عاما والصفة أخص منه، ويلحق به ما لو كان بينهما العموم من وجه مع الافتراق من جانب الموضوع، أي وجد الموصوف كالغنم ولم يكن