المقصد الثاني في النواهي وفيه مباحث: المبحث الأول: في مفاد صيغة النهى لا اشكال في أن متعلقات النواهي كمتعلقات الأوامر انما هي الطبايع الكلية، وان كان المطلوب في باب الأوامر هو وجود الطبيعة، وفى باب النواهي هو الترك. وليس المطلوب في باب النواهي هو الكف، بتوهم ان نفس الترك امر عدمي، والعدم خارج عن الاختيار، فلا يصح ان يتعلق التكليف به. وذلك لان نفس العدم الأزلي وان كان خارجا عن الاختيار الا ان ابقاء العدم واستمراره امر اختياري، وهو المطلوب في النواهي، وهذا لا اشكال فيه.
انما الاشكال في أن المطلوب في باب النواهي، هل هو السلب الكلي على نحو العام المجموعي؟ بحيث يتحقق عصيانه بأول وجود الطبيعة ويسقط النهى حينئذ رأسا، أو ان المطلوب هو العام الاستغراقي الانحلالي؟ بحيث تكون جميع وجودات الطبيعة مبغوضة ويكون لكل وجود عصيان يخصه. ولا اشكال في امكان كل من الوجهين في عالم الثبوت، بل قد ذكرنا في رسالة المشكوك، انه يتصور وجهان آخران في باب النواهي أحدهما: ان يكون المطلوب هو ترك مجموع الافراد، بمعنى ان ارتكاب جميع الافراد مبغوض، فلا يتحقق عصيانه الا بارتكاب الجميع. كما ربما يدعى ظهور مثل قوله - لا تأكل كل رمانة في البستان - في ذلك، فلو اكل جميع رمانات البستان الا واحدة لم يكن فاعلا للمنهي عنه.
ثانيهما: ان يكون المطلوب في النهى على نحو القضية المعدولة المحمول، بحيث يكون المطلوب في مثل لا تشرب الخمر هو كون الشخص لا شارب الخمر، على وجه