واما العلة التامة:
فقد يقال بخروجها عن محل النزاع، نظرا إلى أن إرادة الآمر لا بد ان تتعلق بما تتعلق به إرادة الفاعل، وإرادة الفاعل لا تتعلق بالمعلول لأنه ليس فعلا اختياريا له، بل هو يتبع العلة ويترشح وجوده منها قهرا، بل إرادة الفاعل انما تتعلق بالعلة التي هي فعل اختياري له، ومقتضى الملازمة بين الإرادتين ان تكون العلة هي متعلقة لإرادة الآمر، فتكون هي الواجبة بالوجوب النفسي، ولا معنى لان تكون واجبة بالوجوب المقدمي، وربما ينقل عن السيد المرتضى (ره) القول بذلك، ولكن العبارة المحكية عنه لا تنطبق على ذلك فراجع.
وعلى كل حال الذي ينبغي ان يقال: هو انه تارة يكون لكل من العلة و المعلول وجود مستقل، وكان ما بحذاء أحدهما غير ما بحذاء الاخر كطلوع الشمس التي يكون علة لضوء النهار، حيث إن لكل من الطلوع والضوء وجودا يخصه، وان كان وجود الضوء مترشحا عن وجود الطلوع وكان متولدا منه، الا انه مع ذلك يكون ما بحذاء أحدهما غير ما بحذاء الاخر.
وأخرى لا يكون كذلك، بل كان هناك وجود واحد معنون بعنوانين:
عنوان أولى، وعنوان ثانوي، كالالقاء والاحراق، والغسل والطهارة، حيث إنه ليس هناك الا فعل واحد، ويكون هذا الفعل بعنوانه الأولى القاء أو غسلا، و بعنوانه الثانوي احراقا أو تطهيرا، وليس ما بحذاء الالقاء أو الغسل غير ما بحذاء الاحراق أو الطهارة، بل هو هو ولذا يحمل أحدهما على الآخر فيقال: الالقاء احراق و بالعكس والغسل طهارة وبالعكس، لما بين العنوانين من الاتحاد في الوجود.
فان كانت العلة على الوجه الأول بحيث يغاير وجودها وجود المعلول، فالحق انها داخلة في محل النزاع، وتكون واجبة بالوجوب المقدمي، والذي يكون واجبا بالوجوب النفسي هو المعلول، وإرادة الفاعل انما تتعلق به لكونه مقدورا له ولو بالواسطة، ولا يعتبر في متعلق التكليف أزيد من ذلك. ولا يمكن ان تكون العلة واجبة بالوجوب النفسي مع أن المصلحة والملاك قائمة بالمعلول، بل الذي يكون واجبا بالوجوب النفسي هو المعلول، وهو الذي تتعلق به إرادة الفاعل والآمر، و