الحال ان ما دفعا به الدور يهدم أساس المقدمية، لما عرفت من أن امتناع اجتماع المقتضيين يوجب ان لا يكون وجود أحد الضدين مانعا عن وجود الاخر، فلا يكون عدمه من اجزاء علة وجوده، فلا يجتمع القول بالمقدمية مع القول بامتناع اجتماع المقتضيين.
وعلى كل حال، فقد ظهر لك انه لا سبيل إلى القول بمقدمية عدم أحد الضدين لوجود الاخر.
هذا كله، مضافا إلى ما يرد على القول بالمقدمية من لزوم الدور، فإنه لو كان عدم أحد الضدين مقدمة لوجود الآخر، كان وجود أحد الضدين علة لعدم الآخر، وذلك لأنه لا موجب لدعوى مقدمية العدم للوجود الا كون وجود أحدهما مانعا عن وجود الآخر ليكون عدمه من اجزاء العلة، فإذا كان وجود أحد الضدين مانعا عن وجود الاخر، فيكون علة لعدم الاخر، لان كل مانع يكون سببا لعدم ما لولاه لوجد، فيلزم ان يكون وجود أحد الضدين علة لعدم الآخر وعدم أحدهما من اجزاء علة وجود الآخر وان لم يكن تمام علته، الا انه لا فرق في الاستحالة ولزوم الدور بين ان يكون كل من طرفي التوقف علة تامة للآخر، وبين ان يكون أحدهما علة تامة و الآخر جزء العلة كما في المقام، حيث إن وجود أحد الضدين علة تامة لعدم الاخر لكونه مانعا، وعدم أحد الضدين من اجزاء علة وجود الآخر لكونه من قبيل عدم المانع الذي هو جزء العلة، فالقول بمقدمية العدم للوجود موجب للدور المحال.
وقد أجيب عن هذا الدور بوجوه:
أحدها: ما حكى عن المحقق الخونساري وصاحب الحاشية (1) من امكان منع مانعية أحد الضدين لوجود الآخر حتى يكون علة لعدمه، لان مانعيته له