هي قضايا حقيقية، وليست اخبارات عما سيأتي بان يكون مثل قوله تعالى ولله على الناس الخ اخبارا بان كل من يوجد مستطيعا فأوجه عليه خطابا يخصه، بل انما هي اخبارات عن انشاءات في عالم اللوح المحفوظ. وبالجملة: كون القضايا الشرعية من القضايا الحقيقية واضح لا يحتاج إلى مزيد برهان وبيان.
إذا عرفت ذلك فاعلم: ان الجهات التي تمتاز بها القضية الخارجية عن القضية الحقيقية وان كانت كثيرة قد أشرنا إلى بعضها، الا ان ما يرتبط بما نحن فيه من الواجب المشروط والمط، هي جهات ثلاث:
الجهة الأولى:
ان العبرة في القضية الخارجية، هو علم الآمر باجتماع الشروط وما له دخل في حكمه، فلا يوجه التكليف على عمرو مثلا بوجوب اكرام زيد الا بعد علمه باجتماع عمرو لجميع الشروط المعتبرة في حكمه: من العقل، والبلوغ، والقدرة، وغير ذلك مما يرى دخله في مناط حكمه، ولو فرض ان الآمر كان جاهلا بوجود شرط من شروط صدور الحكم، كمجئ بكر الذي له دخل في تكليف عمرو بوجوب اكرام زيد، فلا محالة يعلق حكمه بصورة وجود الشرط، ويقول: ان جاء بكر فأكرم زيدا، وتكون القضية الخارجية من هذه الجهة - أي من جهة تعليقها على الشرط - ملحقة بالقضية الحقيقية، على ما سيأتي بيانه.
والحاصل: ان المدار في صدور الحكم في القضية الخارجية انما هو على علم الآمر باجتماع شروط حكمه وعدم عمله، فان كان عالما بها فلا محالة يصدر منه الحكم ولو فرض خطأ علمه وعدم اجتماع الشروط واقعا، إذ لا دخل لوجودها الواقعي في ذلك، بل المناط في صدور الحكم هو وجودها العلمي، فان كان عالما بها يحكم وان لم تكن في الواقع موجودة، وان لم يكن عالما بها لا يحكم وان كانت موجودة في الواقع الاعلى وجه الاشتراط بوجودها، فيرجع إلى القضية الحقيقية من هذه الجهة، فلا يعتبر في صدور الحكم في القضية الخارجية الا علم الآمر باجتماع الشرائط.
واما في القضية الحقيقية: فيعتبر فيها تحقق الموضوع خارجا، إذ الشرط في