وبالجملة: (لولا) على قسمين: قسم يمتنع فيها جوابها بمجرد وجود المبتدأ بعدها، وهذا القسم لا بد ان يكون خبر المبتدأ وهو الكون المطلق، نحو لولا على، و يجب ان يكون محذوفا لتعيين المحذوف. وقسم يمتنع فيها جوابها لا بمجرد وجود المبتدأ، بل لنسبة الخبر إلى المبتدأ، وهذا القسم خبر المبتدأ امر خاص، ويجب ان يذكر، الا ان يدل قرينة عليه. ولا النافية للجنس هي لولا الغالبية، فيجب ان يكون خبره الوجود المطلق المحذوف، فيكون معنى (لا إله إلا الله) لا اله موجود.
وحاصل الكلام: حيث إنهم عدوا كلمة (لا) من نواسخ المبتدأ والخبر فالتجأوا إلى تقدير الخبر. ولكن الالتزام بذلك بلا موجب، فان كلمة (لا) كما وضعت لمعنى حرفي رابطي، كذلك وضعت لمعنى استقلالي، وهو نفى الحقيقة والهوية، أي وضعت تارة: للنفي الربطي وعدم وصف لموضوع، وأخرى: لنفى المحمول، أي عدم الشئ. كما أن الافعال الناقصة، مثل (كان) قد تكون ناسخة و هي الرابطة الزمانية، وقد تكون تامة وغير محتاجة إلى الخبر، بل قيل (ان) النافية من الافعال الناقصة كليس أيضا لها جهتان: ربطي، وهو ليس الناقصة، وغير ربطي، وهو ليس التامة. وهذا الكلام في (ليس) وان لم يكن بصحيح، بل ليس وضعها الا وضع الحروف، ربطي صرف وضعت لنفى شئ عن موضوع في الحال، واستعمالها في نفى الوجود مسامحة، الا ان هذا التقسيم للأفعال الناقصة التي وضعها و هيئتها كهيئة الافعال تام، فإنها قد تكون زمانية، وأخرى منسلخة عنها وتكون أداة ربطية. وعلى أي حال: فلا النافية للجنس، حيث إنها وضعت لنفى هوية الشئ المعراة عن الوجود والعدم، فلا خبر لها، لا انه محذوف دل عليه الكلام، فيصير معنى الكلمة الشريفة نفى هوية واجب الوجود واثباته لذاته تعالى، ونفى واجب الوجود و اثبات فرد منه هو عين التوحيد، لان غيره لو كان واجب الوجود لوجب وجوده لوجوبه ذاتا، فلو لم يكن غيره تعالى واجب الوجود، فاما: ممتنع الوجود ذاتا، واما:
ممكن الوجود ذاتا، وكلاهما ليسا بواجب الوجود ذاتا، فانحصر الواجب فيه تعالى.
وعلى أي حال: سواء قلنا بتقدير خبر لا، أو لم نقل به لعدم احتياجه إليه، لا يرد الاشكال على كلمة التوحيد، اما بناء على عدم التقدير فلما ذكرنا، واما بناء