ذلك: ان التقييد لا يوجب الا تضييق دائرة الموضوع أو المحمول، وثبوت حكم لموضوع خاص لا يلازم انتفائه عن موضوع آخر. ولو كان راجعا إلى الحكم - أي المتحصل من الجملة أي كان التقييد في رتبة الاسناد - فالحكم المقيد ينتفى بانتفاء قيده بالملازمة، وهذا هو المفهوم. ولا فرق فيما ذكرنا بين مفهوم الغاية، والحصر، أو غيرهما.
نعم: لا يمكن في باب الشرط ارجاع القيد إلى الموضوع، لان أداة التعليق وضعت لتعليق جملة على جملة، فمرجع النزاع فيه إلى كون القضية مسوقة لغرض وجود الموضوع، أو لتحديد الحكم. فعلى هذا لو رجع الحصر إلى الاسناد - وكان الاخراج في رتبة قوله: جاء القوم الا زيدا - يدل على انتفاء الحكم الثابت للمستثنى منه عن المستثنى، ومحل النزاع انما هو في (الا) الاستثنائية لا الوصفية، فالقول بعدم دلالة القضية على المفهوم مرجعه إلى استعمال (الا) الاستثنائي في الوصف، والمصير إليه من دون قرينة عليه لا وجه له.
ثم إن هنا اشكالا، في إفادة كلمة (لا إله إلا الله) التوحيد، وحاصله: ان خبر (الا) لو قدر (موجود) فلا دلالة لهذه الكلمة على عدم امكان اله آخر، ولو قدر (ممكن) فلا دلالة لها على وجود الباري تعالى وان دلت على عدم امكان آلهة أخرى.
ولا يخفى: ان هذا الاشكال انما نشأ من قول أكثر النحويين ان خبر (لا) مقدر، ولذا عدوها من نواسخ المبتدأ والخبر، وجعلوا الفرق بين لا النافية للجنس ولا المشبهة بليس، هو الفرق بين لولا الغالبية ولولا الغير الغالبية، فان لولا الغالبية حيث إن خبرها من أفعال العموم أي الوجود المطلق، فيجب ان يكون محذوفا كقوله: لولا على لهلك عمر، ومنشأ وجوب حذفه دلالة الكلام عليه، فيكون ذكره لغوا، كحذف الفاعل في فعل الامر، والمضارع المخاطب منه، والمتكلم وحده، و مع الغير. ولولا الغير الغالبية حيث إن خبرها فعل خاص وجب ذكره كقوله عليه السلام: لولا قومك حديثوا عهد بالاسلام لهدمت الكعبة وجعلت لها بابين. و قالوا: ان لولا الغالبية هي لا النافية للجنس المركبة مع لو، وغيرها هي المشبهة بليس المركبة مع لو.