مما أمسكن عليكم " فان الكلام مسوق لبيان حلية ما يصطاده الكلب المعلم، و ليس اطلاق " كلوا " واردا لطهارة موضع عضه أو نجاسته، فهو في الحقيقة من هذه الجهة يكون مجملا ليس في مقام البيان. واعتبار هذا الامر في صحة التمسك بالمطلقات مما لا شبهة فيه. ولا شبهة أيضا في عدم استفادة الاطلاق من الأدلة الواردة في بيان أصل تشريع الاحكام، كقوله تعالى: أقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وأمثال ذلك، فان ورود ذلك في مقام التشريع يكون قرينة على أن المتكلم ليس في مقام البيان، كما أن الاطلاق التطفلي المسوق لبيان شئ آخر يكون كذلك، أي يكون قرينة على أنه ليس المتكلم في مقام البيان.
واما فيما عدا هذين الموردين وفرض الكلام خاليا عن قرينة كون المتكلم ليس في مقام البيان، فالأصل العقلائي يقتضى كون المتكلم في مقام البيان لو فرض الشك في ذلك. وعلى ذلك يبتنى جواز التعويل على المطلقات من أول كتاب الطهارة إلى آخر كتاب الديات، فإنه لا طريق لنا إلى احراز كون المتكلم في مقام البيان الا من جهة الأصل العقلائي، لمكان ان الظاهر من حال كل متكلم هو كونه في مقام بيان مراده، وكونه في مقام الاهمال والاجمال يحتاج إلى احراز ذلك، والا فطبع الكلام والمتكلم يقتضى ان يكون في مقام البيان، وذلك واضح.
الثالث:
عدم ذكر القيد: من المتصل والمنفصل، لأنه مع ذكر القيد لا يمكن ان يكون للكلام اطلاق، وذلك أيضا واضح.
فإذا تمت هذه الأمور الثلاثة، فلا محالة يستفاد من الكلام الاطلاق، و لا يحتاج في استفادة الاطلاق إلى شئ آخر وراء هذه الأمور الثلاثة.
نعم: ذكر في الكفاية (1) أمرا رابعا، وهو عدم وجود القدر المتيقن في مقام التخاطب. والمراد من وجود القدر المتيقن في مقام التخاطب، هو ثبوت القيد المتيقن بحسب دلالة اللفظ وظهوره، لا بحسب الحكم وواقع الإرادة، فان ثبوت المتيقن بحسب