الشرعية في كل منهما، حيث إن خطاب الوفاء بالنذر مشروط بالقدرة الشرعية، لان دليل الوفاء بالنذر تابع لما التزم به المكلف على نفسه، وما التزم به المكلف على نفسه هو الفعل المقدور، فقد اخذ المكلف في الالتزام القدرة، وخطاب الوفاء متأخر عن الالتزام فالخطاب يرد على الفعل الذي اخذت القدرة فيه في المرتبة السابقة على ورود الخطاب، فيكون كما إذا قيد المتعلق في لسان الدليل بالقدرة صريحا، فتأمل جيدا.
وبعد ما ظهر ان النذر مشروط بالقدرة الشرعية، ففي الفرع المتقدم - من تزاحم الواجبين المشروط كل منها بالقدرة الشرعية مع تقدم زمان امتثال أحدهما على الآخر - فقد عرفت ان المتقدم زمان امتثاله هو المتقدم، وكذا إذا فرض اتحاد زمان امتثالهما ولكن تقدم زمان خطاب أحدهما، كما إذا وجب عليه فعل شئ معين في وقت خاص مشروط بالقدرة الشرعية، وصادف توجه واجب آخر مشروط بالقدرة الشرعية في ذلك الوقت، فإنه يقدم الأول لمكان سبق خطابه، فيكون خطاب السابق قد شغل ذلك الوقت، فلم يبق موقع للواجب الآخر، الا إذا كان السابق مشتملا على خصوصية توجب تأخره وتعين امتثال اللاحق خطابه، كما في النذر و شبهه، حيث إنه يعتبر فيه ان لا يكون موجبا لتحليل حرام أو تحريم حلال، سواء كان نفس متعلقه حراما، كما إذا نذر ما يحرم فعله لولا النذر، أو كان ملازما لذلك (1) كما إذا نذر ما يوجب تفويت واجب لولا النذر. كما لو نذر زيارة الحسين عليه السلام يوم عرفة قبل أشهر الحج، ثم حصلت له الاستطاعة في أشهر الحج، فان مقتضى القاعدة انحلال النذر وتعين الحج عليه، وان تقدم خطاب الوفاء بالنذر وكان كل من النذر والحج مشروطا بالقدرة الشرعية.
والسر في ذلك: هو ان النذر في المقام يوجب تفويت الحج الواجب لولا النذر، وتفويت الواجب كذلك يوجب انحلال النذر، والمفروض ان الحج لولا