السابقة بالنسبة إلى التسليمة، وقد تقدم صحة فعلية التكليف بالنسبة إلى كل ما يكون مقدورا بالواسطة، فالتكليف بالتسليمة بعد مضى مقدار أربع ركعات من الوقت يكون كالتكليف بالصلاة في مسجد الكوفة غير مقيد بالزمان، واما التكليف بها قبل ذلك فيكون كالتكليف بالصلاة في المسجد عند طلوع الفجر، وقد تقدم الكلام في الفرق بين المثالين، وان التكليف في أحدهما يكون مط وفى الآخر يكون مشروطا، فتأمل جيدا. هذا تمام الكلام في الواجب المشروط والمطلق والمعلق.
بقى في المقام: حكم صورة الشك في كون الواجب مشروطا أو مطلقا، الذي يرجع الشك فيه إلى الشك في كون القيد قيدا للهيئة أو قيدا للمادة، وقد اضطربت الكلمات في ذلك، وسلك كل مسلكا، وينبغي ان يعلم أولا: ان محل الكلام فيما إذا كان القيد فعلا اختياريا للمكلف، إذ لو لم يكن كذلك فلا بد ان يكون التكليف مشروطا به، على ما تقدم تفصيل ذلك، وكذا محل الكلام فيما إذا لم يكن في البين ما يعين أحدهما كما إذا سيق القيد بصورة القضية الشرطية فإنه يتعين رجوعه إلى الهيئة، حيث إن القضية الشرطية ما تكون ربط جملة بجملة أخرى على ما تقدم بيانه أيضا، أو سيق القيد على وجه اخذ وصفا للمادة، كما إذا قيل متطهرا و أمثال ذلك، مما يكون القيد ظاهرا في رجوعه إلى المادة.
إذا عرفت ذلك فنقول: ربما قيل إنه عند الدوران يقدم تقييد المادة على تقييد الهيئة، لان في تقييد الهيئة يلزم كثرة التقييد وتعدده، والأصل يقتضى خلافه، بخلاف تقييد المادة، فان تقييد الهيئة يستلزم تقييد المادة لا محالة، إذ لا يمكن اطلاق المادة مع تقييد الهيئة، وهذا معنى ما يقال: من أن اشتراط الوجوب بشئ يرجع إلى اشتراط الواجب به أيضا ولا عكس، إذ تقييد المادة لا يستلزم تقييد الهيئة كما لا يخفى هذا.
ولكن لا يخفى عليك ما فيه لان التقابل بين الاطلاق والتقييد تقابل العدم والملكة، فإذا امتنع الاطلاق امتنع التقييد وحينئذ نقول في المقام: انه لو رجع القيد إلى الهيئة وكان وجوب الحج مثلا مشروطا بالاستطاعة، فلا يعقل الاطلاق في طرف المادة، إذ بعد ما