الاشكال على التعريف المذكور.
نعم يرد عليه، خروج الواجبات التهيئية والواجبات التي يستقل العقل بوجوبها لأجل برهان التفويت عن كونها واجبات نفسية، لان الامر في جميعها انما يكون لأجل التوصل بها إلى واجبات آخر، من الحج في وقته، والصلاة مع الطهور في وقتها، وغير ذلك، فيلزم ان يكون جميعها واجبات غيرية، مع أنها ليست كذلك كما تقدم سابقا.
فالأولى ان يعرف الواجب النفسي بما امر به لنفسه، أي تعلق الامر به ابتداء وكان متعلقا للإرادة كذلك، ويقابله الواجب الغيري، وهو ما إذا كانت ارادته ترشحية من ناحية إرادة الغير، فتكون الواجبات التهيئية كلها من الواجبات النفسية، حيث لم تكن ارادتها مترشحة من إرادة الغير، لوجوبها مع عدم وجوب الغير، على ما تقدم تفصيل ذلك.
ثم إن ما دفع به الاشكال عن الواجبات النفسية، بأنه يمكن ان يكون ذلك لأجل انطباق عنوان حسن الخ، لم نعرف معناه، فان العنوان الحسن من أين جاء؟
وهل ذلك العنوان الا جهة ترتب الملاكات عليها الذي التزم انها من تلك الجهة تكون واجبات غيرية؟ فتأمل جيدا.
وعلى كل حال لو شك في واجب انه نفسي أو غيري فتارة، يقع الكلام فيما يقتضيه الأصل اللفظي وأخرى، فيما يقتضيه الأصل العملي.
(اما الأول) فمجمل القول فيه: هو ان الواجب الغيري لما كان وجوبه مترشحا عن وجوب الغير، كان وجوبه مشروطا بوجوب الغير، كما أن وجود الغير يكون مشروطا بالواجب الغيري، فيكون وجوب الغير من المقدمات الوجوبية للواجب الغيري، و وجود الواجب الغيري من المقدمات الوجودية لذلك الغير، مثلا يكون وجوب الوضوء مشروطا بوجوب الصلاة، وتكون نفس الصلاة مشروطة بوجود الوضوء، فالوضوء بالنسبة إلى الصلاة يكون من قيود المادة، ووجوب الصلاة يكون من قيود الهيئة بالنسبة إلى الوضوء بالمعنى المتقدم من تقييد الهيئة، بحيث لا يرجع إلى تقييد المعنى