أصل التقييد مخالف للأصل، كذلك عمل ما ينتج نتيجة التقييد واخراج المحل عن قابلية الاطلاق يكون مخالفا للأصل، لاشتراكهما في الأثر. وهذا بخلاف ارجاع القيد إلى المادة، فإنه سالم عن هذا المحذور لبقاء اطلاق الهيئة على حاله هذا.
ولكن لا يخفى عليك ما فيه فان التقييد انما كان على خلاف الأصل لمكان جريان مقدمات الحكمة، وأين هذا من عمل ما يوجب عدم جريان مقدمات الحكمة وهدم أساسها كما هو الحال عند ارجاع القيد إلى الهيئة حيث إنه يوجب عدم جريان مقدمات الحكمة في صرف المادة وهدم أساس اطلاقها، فإنه لا أصل يقتضى بطلان مثل هذا العمل.
وبالجملة ما ذكره الشيخ (قده) من الوجهين لارجاع القيد إلى المادة، مما لا يمكن المساعدة عليه. فلابد من اعمال قواعد العلم الاجمالي، إذ الأصول اللفظية من أصالة اطلاق المادة وأصالة اطلاق الهيئة متعارضة، للعلم بتقييد أحد الاطلاقين، فتصل النوبة حينئذ إلى الأصول العملية، ومعلوم ان الشك في المقام يرجع إلى الشك في لزوم تحصيل القيد، ومقتضى أصالة البراءة عدم لزوم تحصيله.
هذا حاصل ما افاده شيخنا الأستاذ مد ظله في هذا المقام.
ثم تنظر في جميع ما افاده بما حاصله: ان المراد من تقييد الهيئة هو تقيد المادة المنتسبة على ما عرفت، إذ تقييد الهيئة بما انها معنى حرفي لا يعقل، فلا بد من رجوع القيد إلى المادة المنتسبة، ويكون الفرق بين تقييد المادة وتقييد الهيئة هو انه تارة:
يكون التقييد للمادة بلحاظ ما قبل الاستناد، وأخرى: يكون تقييدا لها بلحاظ الاستناد - كما تقدم تفصيل ذلك - وحينئذ يكون رجوع القيد إلى المادة متيقنا، والشك يرجع إلى امر زائد وهو تقييدها بلحاظ الاستناد، واطلاق الهيئة ينفى هذا الامر الزائد، من غير فرق بين ان يكون التقييد بالمتصل أو المنفصل، إذ رجوع القيد المتصل إلى المادة أيضا متيقن، ورجوعه إلى المادة المنتسبة مشكوك وأصالة الاطلاق الجارية في طرف الهيئة تنفى ذلك.
وتوهم انه يكون من احتفاف الكلام بما يصلح للقرينية فاسد، إذ الضابط فيما يصلح للقرينية هو امكان رجوع القيد إلى ما تقدم بلا حاجة إلى عناية زائدة و