الاطلاق الشمولي على الاطلاق البدلي، نظرا إلى أن الاطلاق في كل منهما يكون بمقدمات الحكمة لا بالوضع، فلا موجب لتقديم أحدهما على الاخر هذا.
ولكن الانصاف ان المقام أجنبي عن مسألة تقديم الاطلاق الشمولي على الاطلاق البدلي، لان تلك المسألة انما هي في ما إذا تعارض الاطلاقان وتنافيا بحسب المدلول، كما إذا ورد لا تكرم الفاسق وورد أيضا أكرم عالما، حيث إن اطلاق لا تكرم الفاسق يقتضى عدم اكرام العالم الفاسق، واطلاق أكرم عالما يقتضى اكرامه، فيتنافيان في مورد الاجتماع، ويصح التعارض بينهما، فيبحث ح عن أن اطلاق الشمولي مقدم على الاطلاق البدلي أو غير مقدم. والمقام ليس من هذا القبيل، إذ ليس بين اطلاق المادة واطلاق الهيئة تعارض وتناف، بل بينهما كمال الملائمة والألفة، إذ لا يلزم من اطلاق كل منهما محذور لزوم اجتماع المتناقضين الذي هو المناط في باب التعارض، والعلم بورود المقيد على أحدهما من الخارج لمكان الدليل المنفصل لا يوجب التنافي بينهما. غايته انه يعلم بعدم إرادة أحد الاطلاقين و ان أحدهما لا محالة مقيد، وأي ربط لهذا باقوائية اطلاق الهيئة لكونه شموليا من اطلاق المادة لكونه بدليا؟ فان الأقوائية لا توجب ان يكون القيد واردا على الضعيف، وأي ملازمة في ذلك؟ بل لو فرض ان الهيئة بالوضع تدل على الشمول لا بالاطلاق كان ذلك العلم الاجمالي بحاله، فان القيد لا محالة اما ان يكون واردا على الهيئة أو يكون واردا على المادة، وأقوائية الهيئة لا ربط لها بذلك، فالمقام نظير ما إذا علم بكذب أحد الدليلين من دون ان يكون بين مدلوليهما تناف، حيث أوضحنا في محله انه لا يعامل معاملة التعارض في مثل هذا، بل يكون من باب اشتباه الحجة باللاحجة، ويعامل معهما معاملة قواعد العلم الاجمالي، والمقام بعينه يكون من هذا القبيل.
(الوجه الثاني) الذي ذكره الشيخ (قده) لترجيح ارجاع القيد إلى المادة، هو ان تقييد الهيئة وان لم يستلزم تقييد المادة، بحيث يلزم تعدد التقييد كما تقدم، الا انه لا اشكال في أنه يوجب بطلان اقتضاء المادة للاطلاق، ويخرجها عن قابليته، وكما أن