ما بين الطلوع والغروب، ويكون هذا هو الصوم المأمور به، فلو اختل أحد الشرائط في جزء من النهار لم يكن الامساك حينئذ واجبا واقعا، إذ امساك بعض اليوم لم يكن واجبا وليس صوما شرعا، وحينئذ كان مقتضى القاعدة عدم وجوب الامساك من أول الفجر عند العلم باختلال بعض الشرائط، كمن يعلم أنه يسافر في أثناء النهار أو علمت المرأة انها تحيض، فوجوب الامساك عليه وثبوت الكفارة يحتاج إلى دليل تعبدي، ولا يكفي في ذلك أدلة نفس وجوب الصوم.
وأما إذا كان الزمان قيدا للحكم، فيصير المعنى، ان الحكم بوجوب الصوم والامساك مستمر إلى الغروب، بحيث يكون الغروب منتهى عمر الحكم، فيحدث من أول الطلوع وينتهي بالغروب، ومرجع ذلك إلى أن الحكم بالامساك في كل آن من آنات النهار ثابت، فاختلال الشرائط في أثناء النهار لا يكون كاشفا عن عدم ثبوت الحكم من أول الامر، بل الحكم كان واقعا ثابتا إلى زمان اختلال الشرائط و ينقطع بالاختلال.
وهذا لا ينافي ارتباطية الصوم وانه ليس هناك تكاليف متعددة مستقلة، فان ارتباطية التكليف ليس الا عبارة عن وحدة الملاك وترتبه على مجموع الامساك الواقع في النهار، لا ان لكل امساك ملاكا يخصه، وهذا أجنبي عما نحن فيه من استمرار الحكم في مجموع النهار على وجه يكون قيدا للحكم، فيكون ثبوت الحكم في كل زمان تابعا لثبوت الشرط في ذلك الزمان، وانتفاء الشرط في زمان لا يوجب انتفاء الحكم في الزمان السابق عليه، و ح يجب الامساك على من يعلم أنه يسافر و تلزمه الكفارة عند المخالفة، لأنه قد خالف حكما واقعيا ثابتا في الواقع، فتأمل في المقام جيدا.
وعلى كل حال تكون فعلية الحكم في باب الصوم تدريجية، سواء قلنا بان الزمان فيه قيد للحكم أو قيد للمتعلق، لان مناط التدريجية هو تدريجية الشروط و المتعلق، الذي قد عرفت ان مع تدريجيتها لا يعقل فعلية الحكم دفعة، إذ فعلية الحكم يدور مدار تحقق شرطه، وتكون تابعة لوجوده، ومع كون الشرط تدريجي الحصول فلا محالة يكون الفعلية أيضا تدريجية، حسبما تقتضيه التبعية، هذا بالنسبة إلى الصوم.