للقدرة قبل مجيئه ولا يلزم تحصيلها من قبل لو علم بعدمها بعد مجئ زيد، لأن المفروض ان القدرة بعد المجئ هي المعتبرة وهي التي يكون لها دخل في الملاك، فما لم تحصل القدرة بعد المجئ لم يكن هناك ملاك للحكم ثبوتا، و ح لا موجب لايجاب تحصيلها قبل مجئ زيد، فان عدم تحصيلها لا يوجب الا عدم ثبوت الملاك، وهذا لا ضير فيه لعدم اندراجه تحت دائرة الامتناع بالاختيار، لما عرفت غير مرة ان مورد القاعدة انما هو فيما إذا كان الامتناع موجبا لتفويت الملاك بعد ثبوته، فلا يدخل فيها مورد عدم ثبوته، نعم يلزمه تحصيل القدرة على الاكرام في الغد بعد مجئ زيد بتهيئة مقدماته لو لم يمكنه ذلك في الغد، لاندراجه حينئذ تحت قاعدة الامتناع بالاختيار كما لا يخفى وجهه.
ولعل مثال الحج من هذا القبيل، حيث نقول: انه لا يجب عليه تحصيل المقدمات من السير وغيره قبل تحقق الاستطاعة، ويجب عليه ذلك بعد حصولها، فان السير قبل الاستطاعة يكون من قبيل تحصيل القدرة قبل مجئ زيد في المثال المتقدم، بخلافه بعد الاستطاعة فإنه يكون من قبيل تحصيلها بعد مجيئه الذي قلنا بلزومه.
وأخرى: تعتبر على وجه لا يلزم تحصيل المقدمات قبل مجئ زمان الواجب، كما إذا اخذت القدرة شرطا شرعيا في وقت وجوب الواجب، كما إذا قال: ان قدرت على اكرام زيد في الغد فأكرمه، بان يكون الغد قيدا للقدرة أيضا، كما أنه قيد للاكرام، وفى مثل هذا لا يلزم تحصيل مقدمات القدرة من قبل الغد كما لا يخفى.
ثم لا يخفى عليك: ان عدم وجوب تحصيل القدرة في هذا القسم، انما هو فيما إذا لم يتوقف الواجب على تهيئة مقدماته العقلية التي لها دخل في القدرة قبل الوقت دائما أو غالبا، فلو توقف الواجب دائما أو غالبا على تهيئة المعدات قبل الوقت، بحيث يكون حصول المقدمات في الوقت لا يمكن، أو أمكن بضرب من الاتفاق، كان اللازم تهيئة المقدمات من قبل، لان نفس كون الواجب كذلك يلازم الامر بتحصيل المقدمات من قبل، والا للغي الواجب بالمرة فيما إذا كان التوقف دائميا، أو قل مورده فيما إذا كان غالبيا، ففي مثل هذا لا نحتاج إلى قاعدة الامتناع بالاختيار، بل نفس