فان نظر الشيخ في هذا التقسيم انما هو إلى ما ذكرنا: من أنه ليس انشاءات الأحكام الشرعية بعد تحقق الموضوع خارجا حتى تكون من قبيل القضايا الخارجية، بل انما تكون انشاءاتها أزلية حيث إن الآمر يكون ملتفتا إليها أزلا، وليس غرض الشيخ قده من هذا التقسيم ارجاع القيود إلى المادة حتى ينتج امتناع الواجب المشروط، أو اثبات الواجب المعلق كما استظهره بعض، وان كانت عبارة التقرير لا تخلو عن مسامحة وايهام.
وعلى كل تقدير، ليس مبنى انكار الواجب المعلق هو امتناع التكليف بأمر مستقبل، بل مبنى الانكار هو ما عرفت: من أن كل قيد غير اختياري لابد ان يؤخذ مفروض الوجود، ويقع فوق دائرة الطلب، ومعه لا يكاد يمكن تقدم الوجوب عليه لأنه يلزم الخلف، و ح لو وجبت مقدماته قبل الوقت، فلا بد ان يكون ذلك بملاك اخر غير ملاك الوجوب الغيري الذي يترشح من وجوب ذي المقدمة ويستتبع ارادته ارادتها.
فان قلت:
نحن لا نجد فرقا، بين ما لو امر المولى بشئ في وقت خاص على نحو اخذ الوقت قيدا، كما إذا قال: صل في مسجد الكوفة عند طلوع الفجر، وبين ما لو أطلق امره و لم يقيده بوقت خاص، ولكن المكلف لا يتمكن من امتثاله الا بعد مضى مقدار من الوقت، كما لو امر بالصلاة في مسجد الكوفة من غير تقييد، ولكن المكلف كان في مكان لا يمكنه الصلاة في مسجد الكوفة الا عند طلوع الفجر لاحتياجه إلى السير والمشي الذي لا يصل إليه قبل ذلك، فإنه كما أن نفس الامر يقتضى وجوب المشي و