الواجب المعلق هو امتناع تعلق التكليف بأمر مستقبل كما توهم، فان ذلك مما لا يدعيه أحد ولا يمكن ادعائه، وكيف يمكن انكار امكان تعلق التكليف بأمر مستقبل؟ مع أن الواجبات الشرعية كلها من هذا القبيل، فلا كلام في ذلك، وانما الكلام في كون التكليف مط أو مشروطا، والا فان تعلق الإرادة بأمر مستقبل بمكان من الوضوح، بحيث لا مجال لانكاره، بل يستحيل ان لا تتعلق الإرادة من الملتفت بأمر مستقبل إذا كان متعلقا لغرضه، لوضوح ان الشخص إذا التفت إلى شئ: من اكل، وشرب، وصلاة، وصوم، فاما ان لا يكون ذلك الشئ متعلقا لغرضه ولا تقوم به مصلحة ولا مفسدة، فلا كلام فيه. وأمان ان يكون ذلك الشئ متعلقا لغرضه، فاما ان يكون متعلقا لغرضه على كل تقدير وفى جميع الحالات، واما ان يكون متعلقا لغرضه على تقدير دون تقدير. وعلى الثاني اما ان يكون ذلك التقدير حاصلا عند الالتفات إلى الشئ، واما ان يكون غير حاصل. وعلى الجميع، اما ان يكون ذلك أمرا اختياريا له بحيث يمكن ان تتعلق الإرادة به، واما ان يكون غير اختياري فهذه جملة ما يمكن ان يكون الشخص الملتفت عليه، ولا يمكن ان يخلو عن أحدها. فان التفت إلى الشئ وكان ذلك الشئ متعلقا لغرضه بقول مط وعلى جميع التقادير، فلا محيص من أن تنقدح الإرادة الفاعلية والآمرية نحو ذلك الشئ إرادة فعلية غير منوطة بأمر أصلا. وان كان ذلك الشئ متعلقا لغرضه على تقدير دون تقدير، فان لم يكن ذلك التقدير حاصلا فلا يمكن ان تتعلق ارادته الفعلية به، بل تتعلق الإرادة به على تقدير حصول ذلك التقدير، بمعنى انه تحصل له إرادة منوطة بذلك التقدير، واما فعلية الإرادة بان يستتبع حملة النفس وتصديها المستتبع لحركة العضلات فلا يمكن الا بعد حصول ذلك التقدير، هذا بالنسبة إلى إرادة الفاعل.
وقس على ذلك إرادة الآمر، فان الآمر لو التفت إلى أن الشئ الفلاني ذو مصلحة على تقدير خاص من مجئ زيد، أو طلوع الفجر، فلابد له من الامر بذلك الشئ مشروطا بحصول ذلك التقدير، ولا يتوقف عن الامر عند الالتفات إليه ويصبر حتى يحصل التقدير فيأمر في ذلك الحال، بل يأمر في حال الالتفات قبل حصول التقدير لكن مشروطا بحصول التقدير، وهذا هو معنى كون انشاء الاحكام أزلية، و