في موضوعات سائر الأحكام: من العقل والبلوغ والقدرة وغير ذلك، وهذه القضية انشائها انما يكون أزليا وفعليتها انما تكون بوجود الموضوع خارجا. وحينئذ ينبغي ان يسئل ممن قال بالواجب المعلق، انه أي خصوصية بالنسبة إلى الوقت حيث قلت بتقدم الوجوب عليه، ولم تقل بذلك في سائر القيود؟ فكيف لم تقل بفعلية الوجوب قبل وجود سائر القيود من البلوغ والاستطاعة، وقلت بها قبل وجود الوقت مع اشتراك الكل في اخذه قيدا للموضوع؟
وليت شعري ما الفرق بين الاستطاعة في الحج والوقت في الصوم، حيث كان وجوب الحج مشروطا بالاستطاعة بحيث لا وجوب قبلها، وكان وجوب الصوم غير مشروط بالفجر بحيث يتقدم الوجوب عليه، فان كان ملاك اشتراط وجوب الحج بالاستطاعة لمكان قيدية الاستطاعة للموضوع واخذها مفروضة الوجود، فلا يمكن ان يتقدم الوجوب عليها والا يلزم الخلف، فالوقت أيضا كذلك بالنسبة إلى الصوم فإنه قد اخذ قيدا للموضوع، بل الامر في الوقت أوضح، لأنه لا يمكن الا اخذه مفروض الوجود، لأنه امر غير اختياري ينشأ من حركة الفلك ولا يمكن ان تتعلق به إرادة الفاعل من وجوه، وقد عرفت ان كل قيد غير اختياري لابد ان يؤخذ مفروض الوجود ويقع فوق دائرة الطلب، ويكون التكليف بالنسبة إليه مشروطا لا محالة و الا يلزم تكليف العاجز. وهذا بخلاف الاستطاعة، فإنها من الأمور الاختيارية التي يمكن تحصيلها.
وبالجملة: التكليف في القضايا الحقيقية لابد ان يكون مشروطا بالنسبة إلى جميع القيود المعتبرة في الموضوع، من غير فرق في ذلك بين الزمان وغيره، مضافا إلى ما في الزمان وأمثاله من الأمور الغير الاختيارية، من أنه لا بد من اخذه مفروض الوجود، والا يلزم تكليف العاجز. و ح كيف يمكن القول بان التكليف بالنسبة إلى سائر قيود الموضوع يكون مشروطا؟ وبالنسبة إلى خصوصية الوقت والزمان يكون مط؟ فإنه مضافا إلى امتناع ان يكون مط بالنسبة إليه، يسئل عن الخصوصية التي امتاز الوقت بها عن سائر القيود، فإنه ان كان لمكان تقدم الانشاء عليه فالانشاء متقدم على جميع القيود، لأنه أزلي، وان كان لمكان عدم دخله في مصلحة الوجوب