الحج، وإراقة الماء، وعدم الغسل قبل الفجر، وأمثال ذلك من المقدمات الوجودية التي يوجب فواتها سلب قدرة المكلف عن الفعل. وأخرى: يقع الكلام في المقدمات العلمية، أي في لزوم تحصيل العلم بالأحكام والفحص عنها، ولا يندرج هذا في المقدمات المفوتة على ما سيأتي بيانه، فالكلام يقع في مقامين:
المقام الأول:
في المقدمات المفوتة أي المقدمات التي لها دخل في قدرة المكلف على فعل المأمور به بحيث انه لولاها لما كان قادرا عليه، وبعبارة أخرى: المراد من المقدمات المفوتة هي المقدمات التي لها دخل في حصول الواجب بما له من القيود الشرعية في وقته على وجه لا يتمكن المكلف من فعله في وقته بدون تلك المقدمات، كالماء الذي يتوقف الصلاة مع الطهارة عليه، والساتر الذي يتوقف الصلاة مع الستر عليه، و هكذا، وكنفس حفظ القدرة التي يتوقف عليها الواجب، كما لو فرض انه لو عمل العمل الكذائي لا يتمكن من الصلاة في وقتها فيكون العمل مفوتا للقدرة عليها، وبذلك يندرج في المقدمات المفوتة، فالمراد من المقدمات المفوتة هي المقدمات العقلية التي يتوقف عليها الواجب، لا المقدمات الشرعية من القيود والشرائط، ومن هنا نقول:
لا يجب الوضوء قبل الوقت لمن يعلم أنه لا يتمكن من الوضوء بعده، بخلاف حفظ الماء حيث إنه يجب حفظه.
والسر في ذلك: هو ان الوضوء انما يجب بعد الوقت لأنه من قيود المأمور به، فحاله من هذه الجهة كحال الاجزاء وكذا الستر وغير ذلك من القيود الشرعية، و معلوم: انه لم يقم دليل على هذه الكلية بحيث يلزم تحصيل كل مقدمة يكون لها دخل في قدرة المكلف مط ولو قبل حصول شرط الوجوب وقبل مجيئ وقته لمن يعلم بحصوله فيما بعد، إذ لم يقل أحد بوجوب السير إلى الحج قبل الاستطاعة لمن يعلم بحصولها فيما بعد مع عدم تمكنه من السير بعدها، فلزوم تحصيل المقدمات المفوتة بهذه الكلية مما لا دليل عليه، ولم يدعه أحد، بل انما قالوا بلزوم تحصيل المقدمات المفوتة في الجملة في بعض الموارد، وفى بعض الحالات في خصوص بعض المقدمات، ومعلوم: انه لم يقم دليل بالخصوص في كل مورد حكموا فيه بلزوم تحصيل المقدمات