حاجة إلى قرينة أخرى، بناء على القول بأن العلاقة اعتبرت أولا بينه وبين المعنى اللغوي، ويحمل على الأعم بناء على القول الآخر.
وتوجيه جريان النزاع بناء على القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعية بهذا الوجه يتوقف على تسالم المنكرين بأن أحد هذين المجازين هو الأصل والآخر بالتبع، ولكن وقع النزاع في أن الأصل هو الصحيح أو الأعم، ولم يعلم هذا التسالم، لأنه من الممكن أن يكونان في رتبة واحدة كما في سائر المجازات، فإنه لو كان للفظ معاني متعددة مجازية فكلها في رتبة واحدة مجازات عن المعنى الحقيقي، لا أن بعضها أصل وبعضها تبع فتأمل.
وعلى هذا فالأحسن ما ذكرناه من التوجيه الأول، وإن عرفت ما فيه أيضا.
فقد تبين أن جريان هذا النزاع على القول بثبوت الحقيقة الشرعية واضح، لأنه بناء عليه يمكن أن ينازع في أنها حقيقة في خصوص الصحيح أو الأعم منه ومن الفاسد، وتبين إمكان جريانه بناء على القول بعدم ثبوت الحقيقة، وأنها مجازات في المعاني المخترعة بأحد الوجهين أيضا، إنما الكلام في جريانه على قول الباقلاني (1) القائل بأنها باقية على معانيها اللغوية، وما استعملت في المعاني الجديدة لا في لسان الشارع ولا في لسان المتشرعة، بل إنما استعملت في معانيها اللغوية وانضمت إلى المعاني اللغوية قيودا وشرائط من باب تعدد المطلوب بتعدد الدال والمدلول فالصلاة مثلا ما استعملت في لسان الشارع ولا المتشرعة إلا في معناه اللغوي وهو الدعاء فإذا قال الشارع، صل فكأنه قال: ادع، وباقي القيود والشرائط أمور خارجية اعتبرها الشارع، بأن يكون الدعاء مع هذا الشرط، أو في هذا الحال، أو في ذلك الزمان أو المكان، وهكذا سائر القيود. والشرائط فهل يعقل ويمكن جريانه أم لا يمكن؟