كانت موضوعة للصحيحة فكل ما يحتمل دخله في الصحة فلا بد من اتيانه، إذ لو لم يأت به فيشك في الصحة والشك في الصحة شك في التسمية، بخلاف ما لو كانت موضوعة للأعم، فإنه بعد الاتيان بما يصدق عليه الاسم لو شككنا في جزئية شيء أو شرطيته يمكن التمسك بالإطلاق لو كان إطلاق وشرائط التمسك به موجودة بأن يكون إطلاق في مقام البيان، ولم يكن قدر متيقن في البين.
والحاصل: أنه بناء على القول الصحيحي الخطابات مجملة، وبناء على القول الأعمي ليست مجملة لو كان لها إطلاق وكان في مقام البيان ولم يكن له قدر متيقن. فالفرق بينهما إنما هو في إمكان التمسك وعدم إمكانه.
ولا يخفى أن هذه الثمرة فرضيه لا تحقق لها في الخارج، إذ تحققها فرع كون الإطلاقات في مقام البيان، والحال أنها ليست كذلك، بل في مقام التشريع والحث والترغيب إلى هذه العبادات فمثل: ﴿أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة﴾ (١) و ﴿لله على الناس حج البيت﴾ (٢) و ﴿كتب عليكم الصيام﴾ (3) وغيرها ليست إلا في مقام تشريعها وجعلها، وأما تفصيلها من حيث الأجزاء والشرائط فلابد أن يثبت من دليل خارج.
وربما أشكل في المقام بأنه على القول الأعمي أيضا لا يمكن التمسك بالاطلاق، لوجهين:
أحدهما: أنه لا إشكال في أن المطلوب لا يكون إلا صحيحا، لأن تعلق الأمر قرينة على إرادة الصحيحة، ففي مثل قوله تعالى: (أقيموا الصلاة) كأنه قيل:
أقيموا الصلاة الصحيحة، فيكون حال قوله: (أقيموا الصلاة) بناء على القول بالأعم حاله فيما إذا قلنا بأن الصلاة موضوعة للصحيحة فكما لا يمكن التمسك بالاطلاق على القول بكونها موضوعة للصحيحة فكذلك على القول بكونها موضوعة للأعم.