الذي هو من الأمور العقلية، فأصل وجوب الامتثال ليس قابلا للتصرف الشرعي، وأما كيفياته بأن يحكم: بأن هذا النحو من العمل امتثال أو ليس بامتثال للأمر فقابلة للتصرف الشرعي.
والحاصل: إنه لابد في الاستصحاب وسائر الأصول من أثر عملي سواءا كان في مرحلة الثبوت أو في مرحلة السقوط، ولم يكن ذلك الأثر حاصلا بنفس الشك، فلو كان كذلك فلا حاجة إلى الاستصحاب أيضا، ولذا ذكره الشيخ (قدس سره) في مسألة استصحاب البراءة أو الاشتغال الجاريين في مورد قاعدتيهما: أن الاستصحاب لا يجري وإن تم أركانه للغويته، لأن المقصود من جريان الاستصحاب نفي التكليف أو اثباته، وهما حاصلان بنفس الشك في اشتغال الذمة بالتكليف وعدمه وبنفس الشك في براءة الذمة عن التكليف وعدمها، فلا حاجة إلى استصحاب البراءة في مورد قاعدة البراءة، واستصحاب الاشتغال في مورد قاعدته، وكذلك في مسألة الشك في الحجية وعدمها لا حاجة إلى استصحاب عدم الحجية، لأن الشك في الحجية كاف في الحكم بعدم الحجية، ويكفي عدم إحراز الحجية، ولا يحتاج إلى إحراز العدم بالاستصحاب.
ثم إن الشبهة الموضوعية على قسمين: أحدهما: مالا يكون للفعل الاختياري - الذي هو متعلق التكليف أو الوضع - متعلق كالشك في أن هذا الفعل صلاة - مثلا - أم لا؟ أو أن هذا الصوت غناء - مثلا - أم لا؟ والثاني: ما يكون لذلك الفعل الاختياري الصادر من المكلف متعلق أيضا كشرب الخمر - مثلا - فإن الشبهة الموضوعية - في أن هذا الشرب الخاص شرب خمر أم لا؟ - إنما هي من جهة الشبهة في أن هذا المائع خمر أم لا؟ ففيما كان من قبيل القسم الأول فأثر استصحاب وجود الجزء وعدمه، إنما هو من حيث التطبيق وعدمه، وفيما كان من قبيل القسم الثاني، كالشك في أن هذا اللبس لبس مأكول اللحم أو الحرير أو الذهب أم لا؟ مضافا إلى أنه يمكن استصحاب وجود الشرط أو المانع بلحاظ أثره الذي هو التطبيق وعدمه، كذلك يمكن استصحاب الحكم الشخصي الثابت لكل