الثاني: إن جعل الحكم الكلي للعنوان الكلي لما كان مستتبعا لجعل أحكام جزئية للأشخاص الخارجية فيمكن استصحاب الموضوع الجزئي الخارجي، بلحاظ ماله من الأثر وهو: الحكم الجزئي الثابت له في حال تيقنه المستتبع لجعل الحكم الكلي للكلي.
وأما الأحكام الوضعية فما كان منها قابلا أن تناله يد الجعل استقلالا فلا اشكال في امكان استصحابه، كما لا إشكال في عدم إمكان استصحاب ما ليس بقابل لأن تناله يد الجعل أصلا، لا استقلالا، ولا تبعا إلا إذا كان له أثر شرعي لأنه يكون من قبيل الموضوعات التكوينية الخارجية التي يجري الاستصحاب فيها إذا كان لها أثر شرعي.
وأما الأحكام الوضعية التي لا تنالها يد الجعل استقلالا، ولكن تنالها تبعا كشرطية شيء، أو جزئيته، أو مانعيته، بالنسبة إلى المأمور به، فهل يجري استصحاب وجود الشرط، أو المانع، لترتيب الشرطية، أو المانعية؟ قيل لا يجري لأن الشرطية والمانعية ليستا من الآثار الشرعية، فاستصحاب وجود الشرط، والمانع لترتبهما يكون مثبتا، ولكن الحق جريانه، لأنهما وإن لم تكونا من الأمور القابلة للجعل استقلالا، لكنهما قابلتان له تبعا، لجعل منشأ انتزاعهما، وهذا المقدار يكفي في كونهما من الأمور الشرعية القابلة للوضع، والرفع، ولا يلزم أن يكون المستصحب أو المترتب عليه الأثر من الأمور التي يتعلق بها الجعل بها استقلالا، حتى يمنع عن جريانه فيهما. فتأمل.
وحاصل الكلام أن الشك تارة يكون في الجزئية والشرطية، وأخرى يكون في وجود الجزء والشرط، فإن كان الشك في الجزئية والشرطية، فلا شبهة في أن الجزئية والشرطية منتزعتان عن الامر بمركب ذي اجزاء في انتزاع الجزئية، أو الأمر بمقيد بشيء على نحو دخول التقيد وخروج القيد في انتزاع الجزئية، فالشك في جزئية جزء كان سابقا جزءا، أو شرطية ما كان سابقا شرطا، مرجعه إلى بقاء الأمر التكليفي الأولي بحاله، وعدم بقائه، وتمامية أركان الاستصحاب في الجزئية