واحد من أشخاص الموضوع، بما ذكرنا سابقا: إن جعل الحكم الكلي للموضوع الكلي مستتبع لجعل أحكام جزئية لجزئيات الموضوع، فيمكن فيه استصحاب منشأ الانتزاع وهو الحكم التكليفي، كما يمكن استصحاب وجود الجزء أو الشرط أو المانع فتأمل.
فتحصل: أن التعبد بشيء مطلقا سواء كان واقعيا كما هو مفاد الأدلة الاجتهادية، أو ظاهريا كما هو مفاد الأصول العملية لابد له من أثر عملي شرعي، - أي راجع إلى ناحية الشارع - فلا يمكن التعبد بوجود النار والحكم ببقائها، لترتيب أثر عملي عادي - وهو الإطفاء بها - والحكم ببقاء السراج لترتيب أثر عملي عادي - وهو الاستضاءة به وأمثالها - فكما لا يمكن استصحاب الموضوع الخارجي إذا لم يكن له أثر عمليا شرعيا، كذلك لا يمكن استصحاب الحكم الشرعي، إذا لم يكن له أثر عملي شرعي، فلو كان حكم سابقا والآن كان مشكوك ولكن لم يكن لوجوده فعلا أثر، بل كان وجوده وعدمه سيان فلا معنى للتعبد ببقائه واستصحابه، وذلك الأثر العملي الشرعي كما هو موجود في استصحاب الموضوعات، كذلك موجود في استصحاب الأحكام أيضا، ولا يلزم بل لا يمكن ان يكون ترتيب ذلك الأثر العملي الشرعي بحكم الشرع، بل هو أمر عقلي، بل لو لم يكن هذا الأمر العقلي يلزم لغوية تمام التعبديات واقعية كانت أو ظاهرية، فلو لم يكن العقل حاكما بوجوب امتثال أوامر الشارع ونواهيه لكان التعبد بها واقعية كانت أو ظاهرية لغوا، فجميع التعبدات في الحقيقة من قبيل ايجاد الموضوع لذلك الأمر العقلي، وبدونه يلزم كونها بلا فائدة، فإنه لو كان أمر - مثلا - فإما أن يلزم امتثاله أو لا؟ فإن لم يلزم امتثاله فأي فائدة في هذا الأمر؟ وإن لزم امتثاله فإن كان بأمر آخر من قبل الشارع فيلزم التسلسل، لاحتياج لزوم امتثال الأمر الآخر إلى الأمر أيضا، وهكذا فلابد أن يكون لزوم الامتثال أمرا عقليا دفعا للتسلسل، وذلك الأثر العملي الشرعي الذي لابد منه في جميع التعبدات بحكم العقل، لافرق أن يكون في مرحلة ثبوت التكليف أو نفيه أو مرحلة امتثال التكليف أو نفيه.