الحكم في أحد المتلازمين لا يثبت الحكم في الآخر إلا على القول بالأصل المثبت، هذا بالنسبة إلى الطبقة الأولى، وهكذا في الطبقات المتأخرة، وبتعدد الطبقات يتعدد المثبت، هذا على الوجه الثاني.
وأما على الوجه الأول فلا يرد إشكال إلا ما ذكر من أنه بعد نسخ الشريعة السابقة لاشك في بقاء أحكامها وارتفاعها حتى تستصحب، وفيه أن معنى كون هذه الشريعة ناسخة للشريعة [السابقة] أن أحكام الشريعة السابقة لم تبق بتمامها لا أنها نسخت بتمامها، وحينئذ فيكون بالنسبة إلى غير ما نسخ أيضا من النبي اللاحق إن قلنا بأن النبي هو الشارع والجاعل للشرع، أو أنه لابد أن يتلقى الحكم منه حتى يصح الاستناد إلى شريعته، وإن قلنا بأن الشارع هو الله والأنبياء مبلغون فلا حاجة إلى هذا.
وما ذكر من أنه بعد العلم الإجمالي بنسخ أحكام الشريعة السابقة لا موقع لاستصحابها.
وفيه: أن استصحاب عدم النسخ إن كان له أثر بالنسبة إلى تمام أحكام هذه الشريعة لكان العلم الإجمالي بنسخ بعضها مانعا عن جريان الاستصحاب فيها بناء على عدم جريان الاستصحاب وغيره من الأصول العملية في أطراف العلم الإجمالي، لأنه ليس نقضا لليقين بالشك، بل نقض يقين باليقين لو أجري في جميع الأطراف، ولو أجري في بعضها دون بعض فهو ترجيح بلا مرجح وأما إذا لم يكن له أثر إلا في خصوص ما كان حكمه في الشريعة السابقة معلوما وفي هذه الشريعة غير معلوم، لأنه فيما كان حكمه في هذه الشريعة معلوما لا أثر للاستصحاب بالنسبة إليه، لأن حكمه في الشريعة السابقة إما أن يكون موافقا لحكمه في هذه الشريعة أو مخالفا على كل حال لا مورد للاستصحاب، ومثل هذا المورد وهو ما كان حكمه في الشريعة السابقة معلوما وفي هذه الشريعة غير معلوم قليل ليس من أطراف العلم الإجمالي، فتأمل.
وعلى تقدير كونه منها - كما لا يبعد - فلا مانع من جريان الاستصحاب بالنسبة إليه كما في سائر الموارد التي يكون جريان الأصل بالنسبة إلى بعض