الثاني: أن التعبد بالملزوم مستلزم للتعبد باللازم فهاهنا تعبدان أحدهما بالملزوم والآخر باللازم بخلاف الوجه الأول، فإنه تعبد واحد بالملزوم بترتيب الآثار المترتبة عليه بلا واسطة أو معها.
وفيه: أنه لا ملازمة بين التعبد بالملزوم والتعبد بلازمه، وإن كان بينهما ملازمة واقعا، إلا أنه لا ملازمة بين التعبدين، فيمكن أن يعبدنا الشارع بأحدهما دون الآخر من جهة أنه لو لم نرتب الآثار على ما تعبدنا به - وهو الملزوم - يلزم نقض اليقين بالشك، بخلاف ما لو نرتب الآثار على ما لم يتعبدنا به - هو اللازم - فإنه لا يلزم نقض اليقين بالشك، بل على العكس.
والحاصل: أنه بالنسبة إلى اللازم لو كان يقين سابق وشك لاحق - كما كان بالنسبة إلى الملزوم - لكان مشمولا لأدلة الاستصحاب بلا حاجة إلى اثبات استلزام التعبد به التعبد بلازمه، وإلا فلا، إذ لا ملازمة بين التعبدين، مع أن عدم التعبد ببقاء الأول - وهو الملزوم - نقض لليقين بالشك بخلاف الثاني، فإن التعبد ببقائه نقض لليقين بالشك، وما استثنوه من عدم حجية الأصل المثبت من الصورتين: إحداهما صورة خفاء الواسطة، والأخرى صورة جلاء الواسطة، فلعل استثناء الصورة الأولى إنما هو على التقريب الأول - وهو أن أثر الأثر أثر - فكأن الواسطة الخفية بنظر أهل العرف كعدم الواسطة والأثر المترتب عليها كأنه مترتب على نفس المستصحب، والثانية على التقريب الثاني وهو أن التعبد بالملزوم تعبد باللازم فكان بالملزوم فيما كانت الواسطة جلية تعبد باللازم، ولا انفكاك بينهما.
واعترض كاشف الغطاء على حجية الأصل المثبت - على ما نقل عنه - بما حاصله: أن الاستصحاب لو اقتضى ثبوت اللازم الغير الشرعي لعارضته أصالة عدم ذلك اللازم، فيتعارضان ويتساقطان، والحاصل: أن الحكم ببقاء اللازم من جهة تبعيته لملزومه والحكم بعدمه من جهة نفسه، وكونه مسبوقا بالعدم يتعارضان.
وأجاب عن الشيخ (قدس سره) أنه بناء على جريان الأصل بالنسبة إلى الملزوم لإثبات لازمه لا موقع لإجراء أصالة العدم بالنسبة إلى اللازم، لأنه حاكم عليه،